ترجمت المملكة سياستها ومسؤوليتها التاريخية، برسالة بالغة الأهمية وجهتها إلى دمشق، عبر كلمة خاطب فيها خادم الحرمين أشقاءه في سورية، مطالبا بإيقاف القتل وتحكيم العقل قبل فوات الأوان.
وأشار الخطاب إلى عدم القبول بإراقة دماء "الشهداء"، فلا يوجد مبرر أو سبب لذلك. ولفتت المملكة في هذا الخطاب نظر سورية إلى حقيقة ساطعة وهي ضرورة تفعيل إصلاحات لا تغلفها الوعود بل يحققها الواقع.
هذه النقاط الجوهرية في خطاب الملك، الذي وضع حدا لحالة الصمت العربي، لابد من تتويجها بأهم المبادئ، وهي أن السعودية تؤمن بالسلام والتعاون والحوار ومناصحة الإخوة والسعي لجعل العالم العربي والإسلامي أكثر أمانا.
والأهم من ذلك أن موقف المملكة من الأحداث السورية جاء مترويا متأنيا، لمنح النظام فرصة لمراجعة ومعالجة ما يحدث.
إن خطاب الملك عبدالله لا يعد خطابا تاريخيا فحسب, بل هو تحول جذري للمنظور الإنساني تجاه حقوق الإنسان وحفظ كرامته. وجاء هذا البيان مكملا لدور المملكة تجاه الخلافات المتأججة في تونس والسودان وليبيا ومصر واليمن.
والواقع والتاريخ يقولان إن الوقفة السعودية إلى جانب سورية سجلت مواقف مشرفة مرارا وتكرارا، رغم الظروف الصعبة التي عصفت بالمنطقة.
إن خادم الحرمين أراد بهذا الموقف أن يواصل بذل جميع السبل الممكنة للوصول إلى حل عادل لهذه الأزمة، بعيدا عن المزايدات والمواقف الزائفة.
سورية اليوم تبدو في أصعب حال لها منذ أن غزتها فرنسا عام 1919 وهذا مايفترض أن يجعلها تعيد النظر تجاه مواطنيها وحقوقهم. والمهم أن يعترف النظام السوري أن الذين يتظاهرون منذ شهر مارس الماضي ليسوا غرباء أو مندسين، بل هم أبناء الشعب السوري.
ولابد أن يعرف الرئيس بشار أن سورية الآن في مواجهة مع العالم أجمع، وأمامه خياران لا ثالث لهما كما قال له الملك، فإما "الحكمة، أو الانجراف إلى أعماق الفوضى والضياع" وهنا مربط الفرس.