طالب متخصصون في الرقية الشرعية بوضع ضوابط وقوانين تنظم العمل في هذا المجال، كما طالبوا باستحداث رقم هاتفي مجاني للإبلاغ عن المخالفات، داعين إلى دمج آليات الطب النفسي جنباً إلى جنب مع الرقية الشرعية، وزيادة عدد الأفراد المعنيين بمراقبة الرقاة في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تأتي هذه المطالبات على خلفية مقتل فتاة بالقصيم في العشرينات من العمر، إثر صعقها بالكهرباء على يد أحد الرقاة في محاولة لعلاجها، وكان الراقي حاول علاج الفتاة التي كانت تعاني مرضاً نفسياً عن طريق الصدمات الكهربائية، لكن ذلك أدى إلى وفاتها وهي في طريقها إلى المستشفى، وأحيل المتهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام في منطقة القصيم بعد أن قبضت عليه شرطة بريدة.
ودعا الباحث في الرقية الشرعية عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ومعد ومقدم برنامج "شفاء ورحمة" على قناة الراي الشيخ يوسف الدوس إلى مشروع ضخم تطبقه وتتبناه الجهات المختصة بالبرامج التدريبية والتوعوية يجمع بين الرقاة والأطباء النفسيين ليستفيد كل منهما من عمل الآخر، موضحا أن العملين كليهما يختصان بالروح والنفس البشرية فلابد من تواصل الطب النفسي والطب الروحي.
وأكد الدوس أن أسلوب الضرب والصعق الكهربائي يستخدم مع المريض لتعجيل النتائج، اعتماداً على بعض ما روي عن بعض السلف مثل ابن تيمية، لكنها طريقة خطيرة وحساسة ولا يمكن ضمان عواقبها على المريض. وأوضح أن على الراقي تعويد المريض على الصبر والأخذ بالرقية والاعتماد على الله.
وبين الدوس أن الأصل في الرقية الشرعية هي الاقتصار على قراءة القرآن الكريم فقط، ولا توجد أدوات تستخدم في الرقية الشرعية، موضحاً أن القرآن بحد ذاته يكفي كعلاج في الرقية إذا قرئ بقلب صادق وإخلاص ويقين، بالإضافة إلى الدهن بالزيت المقروء عليه أو الاغتسال بالماء الذي رقي عليه، وكذلك السدر والملح اللذان قد يفيدان في حالات السحر والعين والتلبس، ولا يحتاج الراقي إلى اللجوء إلى أشياء أو أساليب أخرى مثل الضرب والصعق.
وأضاف الدوس أن دواعي ضرب المرضى هي الآلام الشديدة التي تنتاب بعضهم، حيث تكون هناك مناطق بالجسد تتطلب النقر عليها بواسطة مسواك أو قلم بشكل خفيف لتسكين الألم فقط، والحالات الواجبة لاستخدام النقر "الضرب الخفيف" نادرة جداً، أما الضرب الشديد والصعق فلهما تأثير سلبي على نفسية المريض في أحسن الأحوال.
وفي السياق ذاته، طالب الراقي الشرعي الشيخ سلطان الصالح بتنظيم عمل الرقاة وسن قوانين من الجهات المختصة وتكثيف مراقبة الجهات المسؤولة للرقاة وأساليبهم في الرقية، واستحداث رقم هاتفي مجاني معروف للتبليغ عن الرقاة الذين يشذون عن القاعدة ويستخدمون الأساليب غير الشرعية لإيقافهم، كما طالب بتخصيص راقيات شرعيات لمعالجة النساء أسوة بالرجال، مرجعاً صعوبة عمل المرأة كراقية إلى نظرة المجتمع، كما طالب بافتتاح أقسام أو عيادات للرقية الشرعية في المستشفيات الحكومية.
ووجَّه الصالح أصابع الاتهام في مقتل فتاة القصيم إلى أسرتها وغيرها من الأسر التي لجأت لذلك الشيخ بهدف المعالجة بالصعق الكهربائي، دون الإبـلاغ عنه، موضحا أن استـخدام هذه الـطرق الـجائرة في العلاج يعود إلى غياب الضوابط والقـوانين التي تـحكم العـمل في الرقية الـشرعية.
وأكد الصالح أن الضرب لا يستخدم إلا إذا كان الجسد متلبساً من قبل الجني بنسبة 100%، وعلى الراقي التمييز بين ضـرب الجني وضرب المريض فقد يـكون الأخـير في حالة هيجان ويظن الراقي أنه الجني، ولا يـشترط ضـرب الجسد ضربا مـبرحا فالضرب الخفيف مؤثر جدا على المتلبس، واستشهد بفعل شيخ الإسلام ابن تيمية حينما كان يضرب المصروع الذي كان يقرأ عليه. كما تمنى الصالح زيادة عدد أفراد اللجنة الميدانية بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتخصصة في البـحث عن الرقاة، وذلك لكـثرة أعـدادهم وبعـضهم غير مؤهل لهذا العمل.