تحاكمني رسالة الجوال: هل يمكن نشر مقال رئيس الوزراء المصري، عصام شرف، لو أن الكاتب كان سعودياً على صحيفة سعودية؟ هو يشير إلى مقال عصام شرف بهذه الصحيفة – رؤيتي لبلدي – على صفحات – الحصاد – ما قبل الأمس. وبالطبع سأجيب أن الرؤية للبلدين تبدو مختلفة تبعاً لظروف كل بلد وللأنساق الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تحكم مجتمعاً أو تتنازع وطناً. المسألة لا علاقة لها في الشكل الجوهري بهامش الحرية، وفي ظروف بلدنا ومجتمعنا، ولله الحمد، فقد كتبنا ولامسنا المسائل الشائكة، وسأعترف أن الرقيب الرسمي في ثوب السياسي أكثر انفتاحاً وتسامحاً من الرقيب الاجتماعي أو من سلطة المؤسسة الدينية. نختلف عن ظرف مصر لأن أحداث – الربيع العربي – وإن لم نكن فيها أو لم تطالنا في شيء، إلا أنها قد أعطت استفتاء لا جدال حوله حول رؤيتنا وقبولنا للنظام السياسي وحول اتفاقنا في المجمل الثابت عليه. بقي أن الحديث عن جوهر – الإصلاح – ديدن حوار وطني شامل ونحن نكتبه بما في ذلك الدعوات الصادقة لتعدد مصادر القرار وتحقيق العدالة الاجتماعية في إدارة وتوزيع التنمية، وكذلك تفعيل مفهوم الانتخاب المباشر لمجالس القرار الوطني المختلفة. والذي يقرأ – ميثاق شرف – في رؤيته لمستقبل بلده يدرك أنه ينطلق من قلب الظروف المأساوية التي قادت مصر الشقيقة إلى الفورة ومن ثم الثورة. جوهر حديثه ينطلق من عدالة الأكثرية للمقابل من الأقلية، لأن ظرف مصر كان انفجارياً لمعاملين: الأول، لأن حدود الأكثرية والأقلية في مصر واضحة بتباين الديانتين، وحتى داخل الديانة الواحدة فإن كبت الصوت الإسلامي لم يكن يسمح بقيام تعددية حزبية تتمثل فيها شرائح المجتمع المصري كما هي تود أن تكون بغض البصر عن اتفاقنا معها أو ضدها. الثاني فلأن الاقتصاد الهش في الأصل ومحدودية الموارد هي ذاتها وقود الثورة من الأكثرية التي وجدت أقلية الأقلية من النخب ترتفع إلى أبراج لم يعد للعين المجردة استطاعة الوصول إليها وكل الشعب أصبح عيوناً مجردة. ظروف مصر هي بالضبط إرثها – الطبقي – التراتبي وهذا ما لا نستطيع شرحه في مقال ولكنه ظرف لا ينطبق علينا وبالقياس لا يمكن استنساخ رؤية عصام شرف لبلده لأن تكون بالكربون – رؤيتي لبلدي – فنحن طرفان متباينان. ولو أنني كتبت – رؤيتي لبلدي – في صحيفة مصرية لربما واجه زميلي الكاتب المصري ذات السؤال: هل يمكن كتابة ما قلت باسمه في صحيفة مصرية؟