الزائر لأي مدينة غربية ـ لندن مثلا ـ سيلفت نظره ـ حتى لو لم يكن شديد الملاحظة ـ أن الأسفلت الذي تسير عليه السيارات مليء بالتعليمات والرموز والخطوط والإشارات والعلامات والأرقام.. عالم آخر من التوعية تنتشر على ظهر الأسفلت.. كلها تتعلق بالسرعة، وحقوق المشاة، ورقم الطريق والحي، وغيرها كالدعايات والإعلانات والرسومات التجميلية.. بعض خطوط المشاة في بعض العواصم يتم رسمها بأشكال فنية جميلة.. من الممكن أن تكون رسمة لمشط أو نوتة موسيقية، أو كرتون بطاطس ماكدونالدز! هناك عبور الشارع مسألة حضارية بالغة التنظيم، لا تحتاج منك لمغامرة، لديهم نوعان من خطوط المشاة: خطوط تعمد الحركة عليها على الإشارات الضوئية ـ كالإشارات الموجودة في شوارعنا ـ حينما يضاء اللون الأحمر يقف الناس وحينما يضاء الأخضر يتحركون.. لا تجرؤ سيارة واحدة على الوقوف على هذه الخطوط.. وثمة نوع آخر من خطوط المشاة تكون حقا خالصا للعابرين في أي وقت يشاؤون.. حينما يلحظ الإنسان هذا الخط يعبر الطريق دون أن يأبه للسيارات القادمة، لأنها ستقف له حتى يعبر بقوة النظام.. المشكلة لدينا هنا أن حقوق المشاة تنتزع بالقوة. إن أردت عبور الشارع يجب أن تدرك أنك أمام مغامرة، ممكن أن تصل إلى الرصيف المقابل، وممكن أن يتم نقلك إلى المستشفى.. ليس ثمة احتمال ثالث! فإن كان طريقا مثل "العليا العام أوحراء" أو غيرهما يجب عليك أولا أن تقوم بعض ثوبك بأسنانك.. وتحمل حذاءك بيدك.. وشماغك باليد الأخرى، و"إنحش".. بعد أن تكون قد كتبت وصيتك ووضعتها في جيب ثوبك.. فإن وصلت فالحمد لله على السلامة و"لا تعودها مرة ثانية".. وإن لم تصل فـ"ذنبك على جنبك"!

الخلاصة: تبدأ حقوق الإنسان من الشارع.. تبدأ من حقه في السير آمنا مطمئنا.