عنوان هذا المقال سمعته مرات عديدة من كبار السن من الأجداد، والآباء في السنوات الماضية، ويتم ترديده عندما ترتفع الأسعار، وكان المقصود في ذلك الوقت من هذه العبارة أن الأشياء الضرورية، والأساسية فقط مثل أنواع الحبوب (القمح، والذرة، والشعير)، والسمن لا يمكن القول عنها بأنها غالية، أو مرتفعة التكلفة إذا كانت متوافرة في السوق، لأنها بالنسبة لهم متطلب أساسي للحياة، وليس هناك بدائل أخرى عن هذه المواد الغذائية، فعندما ترتفع أسعار الحبوب، أو السمن يرددون عبارة "الموجود ما هو بغالي"؛ لأنهم لا بد وأن يحصلوا على حد الكفاية لهم، ولضيوفهم من هذه الضروريات مهما كان ثمنها؛ حيث لم يكن هناك مواد، أو أغراض أساسية، أو ضرورية، وأخرى كمالية، بل هناك أساسيات محدودة تتمثل في الحبوب، والسمن بالدرجة الأولى، ولا يوجد أشياء أخرى كمالية كما هو عليه الوضع في وقتنا الحاضر.
أما في هذه الأيام أصبحت المواد الكمالية غير الضرورية لدينا أساسية، بل ضرورية، ومن أهم الاحتياجات اليومية المطلوبة للمنزل، ويتخيل كثير من الناس أنه لا يستطيع الاستغناء عنها، أو العيش دونها، وهذا شعور زائف، وغير صحيح، فالمواد الكمالية كما هو من اسمها مواد مكملة، وغير ضرورية، ولها بدائل عديدة، ويمكن العيش دونها، وبذلك يمكن الاستغناء عنها في حالة ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، والأمثلة على ذلك عديدة فمثل ما حدث من رفع بعض شركات الألبان لأسعارها دون مبرر، أو سبب منطقي مقبول ودون تهيئة للمستهلك، أو سابق إنذار، وكان من ضمن التبريرات التي تم نشرها، أو تداولها في المجتمع ارتفاع أسعار البلاستيك، وارتفاع أسعار الأعلاف، وهذه الأسباب غير مقنعة، فعلب البلاستيك يمكن الاستغناء عنها بعلب ورقية صديقة للبيئة، وأقل تكلفة، أما الأعلاف فكثير من المزارع تنتج أعلافها من خلال مزارعها المدعومة من الدولة بمساعدات، وقروض، وتسهيلات كبيرة.
واللبن يمكن الاستغناء عنه، وهناك بدائل له، فعندما ارتفعت أسعار الألبان تم تطبيق العبارة السابقة "الموجود ما هو بغالي" في غير مكانها الصحيح من بعض المتسوقين، أو المستهلكين، وقام بعضهم بشراء اللبن بسعره الجديد، ولو كان هناك وقفة جادة، وتوقف ولو لفترة من الزمن عن شراء هذه المنتجات التي تم رفع أسعارها دون أدنى تنسيق مع الجهات المختصة، لتراكم المنتج في الأسواق، وزاد العرض على الطلب، بل قد ينتهي تاريخ هذه المنتجات، وقد تتعرض هذه الشركات للخسارة في حالة التخلص من المنتجات منتهية الصلاحية بالطريقة الصحيحة، وبذلك أنا على يقين أن هذه الشركات ستعود لأسعارها القديمة، وستعمل عروضا تسويقية لمنتجاتها، ولا نحتاج إلى قرار من وزارة التجارة حيال هذا الموضوع على وجه الخصوص، فكان بالإمكان أن يكون القرار بيد المستهلك، وهو من يفرض على هذه الشركات الأسعار المقبولة، والمعقولة.
ووزارة التجارة مسؤولة عن إصدار القرارات المناسبة حيال ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، أو الضرورية مثل الأرز، والسكر، وغيرهما من المواد الضرورية في وقتنا الحاضر، التي تم رفع أسعارها في أوقات سابقة من قبل التجار نظرا لظروف طارئة، وموقتة، وبعد زوال هذه الظروف استمرت الأسعار مرتفعة بشكل كبير، وهنا يبرز دور وزارة التجارة في معالجة مثل هذه الأوضاع، وإصدار القرارات المناسبة حيالها، والعمل على تفعيل هذه القرارات على أرض الواقع، وأنا على يقين بأنه في حالة عدم مراجعة أوضاع الأسعار للعديد من السلع الاستهلاكية الضرورية، ومراقبتها قبل حلول شهر رمضان المبارك سيكون هناك ارتفاع في أسعار كثير من المواد التموينية الأساسية دون مبرر، أو سبب منطقي، وهنا لدي تخوف أن وزارة التجارة قد تبنت العبارة السابقة التي كان يرددها كبار السن في السنوات الماضية "الموجود ما هو بغالي"، وفي هذه الحالة أرى أن الموجود في الوقت الحاضر، وبوضعه الحالي غالي الثمن، ومبالغ في سعره، وكل يوم هو في زيادة، ولا بد من الحد من جشع بعض التجار الذين لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية بالدرجة الأولى، ولا يهمهم المستهلك، ولم يقدموا للوطن رغم ما يقدمه الوطن لهم.