موعظة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ضحى الثالث من شهرنا الفضيل شاهدت مع الملايين الرئيس السابق (حسني مبارك) مع نجليه وهو على سرير طبي متحرك داخل قفص المحكمة.. يجيب على سؤال القاضي (موجود يافندم)! وتذكرت يوم دخلنا عليه مكتبه بالقصر الجمهوري بمصر الجديدة عام 1415هـ بصحبة رئيس مجلس الشورى الشيخ (محمد بن جبير) رحمه الله، وكان من ضمن الوفد الصديقان الأستاذان (منصور الحازمي والطيب الأنصاري). كانت زيارة مجاملة يُفترض ألا تستغرق عدة دقائق، لكنها امتدت حوالي الساعة، لأنه فاجأنا بحديث مستفيض بدأه بالثناء على خطوة الملك (فهد) بالاختيار الموفق لأعضاء المجلس بدورته الأولى، وأنها برأيه أفضل من الانتخابات التي قد يتسرب من خلالها من لا يستأهل العضوية، وضرب مثلاً بما حصل بمجلس الشعب المصري آنذاك من وجود تجار مخدرات بين أعضائه! ثم تطرق متألماً لما يتعرض له من إشاعات، اتهمته بالزواج أكثر من مرة وإيثاره أسرته بالمال إلى آخر ما قال.. ولا أدري كيف علّقت مواسياً وسارداً ما حضرني آنذاك من حديث الإفك عن أم المؤمنين (عائشة) رضي الله عنها وبراءتها التي نزلت بالقرآن الكريم.. فانفرجت أساريره قائلاً (جزاك الله خيراً.. كأنني أسمعه لأول مرة). لقد كان من الخير له حينما لا يزال يتمتع بشعبيته وتعاطف الناس لو تنحى عن الكرسي عندما واتته الفرصة بالعارض الصحي والعملية الجراحية بألمانيا قبل سنوات، مستعفياً من المسؤولية بعد أن أدى واجبه بما يكفي.. لكنها إرادة الله سبحانه يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير.. ومع ذلك فكلمة حق يجب أن تُقال، بأننا لن ننسى له موقفه الشجاع من تآمر (صدام حسين) ضدنا وتهديد حدودنا بغزو (الكويت) الشقيقة نسجلها للتاريخ. مع احترامنا وتعاطفنا لإخواننا المصريين، وتمنياتنا لهم بمستقبل أجمل وأسعد، فعلاقة شعبينا وثيقةٌ راسخةٌ أبد الدهر.