غير آبهة بوسائل الاتصال المتقدمة، لا تزال الرايات ترفرف بين حشود الحجيج أثناء تنقلها بين المشاعر، محافظة على دورها التاريخي في التمييز والإرشاد والحماية من الضياع.

وفيما تحقق الأعلام التي ترفعها أفواج الحجاج هدفا موحدا، تختلف ألوانها وخاماتها باختلاف جنسيات الوفود.

في منى، وكذلك عرفات ومزدلفة، تخترق الأعلام المتحركة أفق المشاعر المقدسة، باعثة المزيد من الرهبة على تلك الحشود التي يحركها الإيمان، ومضيفة تفاصيل ملونة على مساحة واسعة من البياض. تستخدم بعض بعثاث الحج القماش، وتستخدم أخرى الأوراق المقواة، ويكتب هؤلاء اسما واحدا أو عبارات أو حتى رموزا تشير إلى البعثة ليستدل أفرادها عليها، فيما يكتفي آخرون بعبوات بلاستيكية ينصبونها على عصي من الخشب كأفضل وسيلة لضمان تماسك أفراد البعثة وإرشاد التائه منهم إلى موقعها.

من على مسافة 800 متر، تحجز شجرة الأرز موقعها في سماء المشاعر، إنها راية بعثة حج لبنانية، يسير وراءها أعضاء البعثة مطمئنين، لا خوف من التيه، ولا مشكلة مع الضياع.

يقول مرشد الحملة أحمد محيي الدين إنها أفضل وسيلة للإرشاد، فـ"أعضاء الحملة يتجاوزون 50 فردا، ومهما تطورت وسائل الاتصال فإنها، حاليا على الأقل، تربط كل هؤلاء مع بعضهم البعض في اللحظة نفسها". ويصف محيي الدين الرايات المستخدمة في الحج بأنها أقدم وسيلة اتصال بصري لا تزال فاعلة إلى اليوم، ويضيف "أتوقع أن تحافظ على موقعها هذا إلا في حال ظهور اختراع عبقري آخر في المستقبل".

الأسود والأصفر والأحمر... ألوان تنتشر أكثـر مـن غـيرها فوق هامات ضيوف الرحمن، ربما لأنـهـا أكـثر وضـوحـا مـن عـلى مسافـات بعـيدة خصـوصاً، إذا ما امتزجت بملابس الحجاج، البيضاء في معظمها.