رمضان (مبارك). كل عام أنتم بخير (من دون واو).. وهكذا مثل الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك أمام القضاء بتهمة قتله متظاهرين من أبناء شعبه، لكنني أرى أن الشعب هو الذي قتل الرئيس، كما أن معظم الشعوب العربية متهمة بقتل كل من أصبح رئيساً عليهم، لسبب بسيط، هو أن الشعوب ـ نفسها ـ هي التي تفسد الرؤساء أو تصلحهم، أو تصنع منهم دكتاتوريين عليهم، أو قتلة، أو قل ما شئت.
يبدأ الرئيس العربي الحُكم كحملٍ وديعٍ، خاصة القادم من قريةٍ نائيةٍ حالمة، راكباً دابته، لا دبابته، فيقوم الشعب بتفخيمه وتضخيمه حتى تتورم ذاته فيتجاوز مقاساته العادية، ثم يزيدون في وضع الألقاب أمام اسمه حتى لم يعد يرى شيئاً أكبر منه، في الوقت الذي يتسابقون فيه للتناهي في الصغر أمامه.. وقليل من الحكام من يرفض الألقاب.
لماذا حينما يخطئ الرئيس لا يقولون له أخطأت، وهو ما يزال في بداية حكمه قبل أن يتضخم؟! بل ويتركونه حتى ييبس عوده فيصبح غير قابل للثني أو التعديل، أو العدول عن قراراته، حتى لو قال: ما لقومي لا يفقهون، ألا يرون الشمس تشرق من الغرب! فيقولون: نعم صدقت وما قلت إلا حقاً، ومن خالفك سنقتله وننسفه من على الأرض نسفا، وإذا قال لهم: ألا ترون الدجاجة تلد ولا تبيض! قالوا: أصبت يا ديكنا، وما نراه من بيضٍ في الأسواق إنما هو من بقايا عصر الديناصورات، فينتابه نوع من الشعور بالتفوق عليهم ((Superiority Feeling وهو إحساس الفرد بأنه أفضل ممن سواه في العقل والقدرة والمنزلة والمكانة والتفكير، وعندما يتضخم هذا الشعور الفوقي دون واقع فعلي يسنده، يصل الفرد إلى مرحلة قريبة من (جنون العظمة) مع إحساسٍ بأنه لا يخطئ ولا يكذب ولا يغفل، بينما الآخرون يخطئون ويكذبون ويغفلون، وليس لديهم ما لديه من الأفكار والأهداف، فيفقد مع مرور الزمن الإحساس المشترك بينه وأفراد الشعب فيما يتعلق بوحدة الأغراض.
فهل بعد ذلك يكون الرئيس العربي بريئاً حتى لو أثبت الشعب إدانته؟! إذن، لتعلم الشعوب العربية أنه إذا لم تحقق تجربتها النجاح، فإنها لم تخسر بقدر ما كسبت معرفة مواضع الفشل.
قلتُ: بيدك لا تحاول تحطيم ما شيدته بنفسك.