كنت أشاهد حلقة للدكتور القدير محمد راتب النابلسي، وكان عنوانها ملفتا وصادما، كان عنوانها: (الشهوات طريقٌ لرب الأرض والسموات)، وطرح طرحا مبتكرا يُخالف ما قيل لنا في هذا السياق كثيرا.

فقلت لنفسي: ماذا عساك أن تستلهم مما سمعت؟ وكيف يمكنك أن تفيد من هذه النظرة الإيجابية الدوائية لإشكالية موضوع الشهوات؟ فقررت أن أعرض عليكم هذا الـ(menu) للشهوات كـ(قائمة الطعام) المُشتهى وكغيره من المُشتهيات, وذلك لأن هناك فرقا بين (الشهوات) وكونها (مشتهيات) وإليكم قائمة الشهوات التي أدعو إليها في هذا الرمضان:

- سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. الذي كان خبيرا بمعادن الرجال، كان يطيل النظر إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح ويقول لمن حضر عنده: (إني لأشتهي بيتا مليئا بمثل أبي عبيدة).

- يحيى بن معاذ الرازي.. أعظم وعاظ زمانه الذي كان كما قيل كالشافعي في الفقهاء, وكالمتنبي في الشعراء, وكإياس بن معاوية في القضاة, يشتهي كما في مأثورات أقواله: (اللهم إني أسألك اشتهاء التوبة).

- ثابت البُناني .. تلميذ أنس بن مالك رضي الله عنه، وراوية أحاديثه، التابعي الجليل، كان يشتهي كما جاء في مأثورات أقواله: (اللهم إذا أذنت لأحدٍ من خلقك أن يُصلي في قبره فأذن لي أُصلي معه).

وهكذا.. تتعدد المشتهيات وفق ما يشغل الإنسان في مساحاته العقلية أو الوجدانية، وأجزم بأن توجهاتنا فيما نشتهيه تكشف لنا غالبا عن مقدار ما نستهلكه من مقدرة المخيلة لدينا، فإنها أكثر متضرر من فوضى التشهي حين تضعف قدرتنا على مقاومة المثيرات من الشهوات، وكنوع من الاطلاع على الإبداع والتفنن في المشتهيات أنصح بالاطلاع على كتاب (المتمنين) لأبي بكر بن أبي الدنيا القرشي..

أختم فأقول: الشهوة دافعة لمن بادر بالتصحيح والتشهي، رافعة لمن تشغله معالي الأمور وأشرافها..