يقع كثير من الأزواج الذين يرغبون في الحج معا في حيرة، حول المكان الذي يودعون فيه أبناءهم خلال تأديتهم الحج، ويرفضون اصطحابهم لأنهم صغار في السن، أو أنهم لا يستطيعون، إضافة إلى الخوف عليهم من الأمراض، حتى لا يكونوا عائقا لهم عن أداء العبادة على الوجه الأكمل.

تقول عائشة محمد إنها دائما ما كانت تتمنى أن تؤدي فريضة الحج، وفي كل عام كانت تواجهها مشكلة الأطفال، وخاصة أنهم صغار، وكان زوجها يرفض ذهابها للحج وترك أطفالها، وخاصة أنهم يحتاجون للرعاية.

وتضيف أن زوجها كان يعدها كل عام بأن يذهب بها للحج إذا تدبرت أمر أطفالها، ووفرت مكان إقامة آمنة لهم طوال فترة أدائهم للحج، مشيرة إلى أنها وجدت أخيرا الحل هذا العام، حيث وضعت اثنين من أبنائها لدى والدتها، وآخر لدى شقيقتها والرابع وهو الأكبر سنا لدى شقيقها بحكم تعلقه به.

وتقول عائشة إنها الآن في ربوع المشاعر المقدسة، وعلى اتصال دائم بأسرتها وأشقائها للاطمئنان على أبنائها، وهي تحرص على أن تجري الاتصالات بهم أثناء انشغال زوجها عنها، حتى لا يوجه لها لوما على ترك أبنائها.

وقالت أم فاطمة (معلمة) إنها قبل عامين أخذت طفلها الصغير معها في الحج، حيث كان عمره خمسة أشهر، ولكنها عانت كثيرا، فقد كانت مشغولة بطفلها الذي يكثر من البكاء.

وبينت أنها الآن بصدد الذهاب للحج هذا العام، بعد أن وافق زوجها على مضض على توزيع بعض الأطفال على والدتها وشقيقاتها، على أن يصطحبا معهما البنات اللائي تجاوزت أعمارهن الثامنة، وقد وافق على ذلك بعد أن اقتنع بأن الأطفال لا يستطيعون أداء الحج في ظل الزحام الذي تشهده المشاعر في هذه الفترة، إضافة إلى أن أخذهم جميعهم سوف يعيقهما عن أداء مناسك الحج.

وذكرت سميرة عبدالله أن أبناءها خمسة، وحينما قررت مع زوجها الذهاب للحج هذا العام، قامت بتوزيع أبنائها على الأقارب، اثنين لدى والدتها، وآخر لدى شقيقتها، واثنين آخرين لدى شقيقتي زوجها، ولكن هذا التقسيم لم يرق مطلقا لوالدة زوجها، وطلبت أن تضع جميع الأطفال لدى أهل زوجها، ونصحتها بأن تضع أبناءها معا وألا تفرقهم بهذه الطريقة.

وأشارت سميرة إلى أن والدة زوجها وافقت على التكفل برعاية الأطفال والاهتمام بهم لحين عودتها وزوجها من الحج.

وقالت أم فارس إنها تحب أن يكون أبناؤها معها في الحج، ولكن شريطة ألا يكونوا صغارا في السن، وهي ترى أن الأطفال الذين تكون أعمارهم في الخامسة فما فوق لا ضرر من ذهابهم للحج.

وعن مدى خوفها من الزحام وضياع أبنائها أو أن يصيبهم أي عارض صحي أشارت إلى أن الصحة والمرض بيد الله، وأن ما يحدث مقدر للإنسان، وتتساءل قائلة "لماذا لا نتفاءل ونحسن الظن، ونكسب أجرا في هؤلاء الأطفال، ونعلمهم سلوكا حميدا جديدا من خلال الحج".

وقال المستشار القضائي الخاص عضو الجمعية العربية للصحة النفسية بدول الخليج العربي والشرق الأوسط الشيخ صالح اللحيدان "للحج ثلاثة أقسام، الأول حج الفرض الذي لا يقوم الإسلام إلا به، فإن كان الأم والأب مضطرين لذلك فلا حرج أن يجعلا الأولاد عند أقاربهم، شريطة أن يجعلوا مع الأولاد ما يكفيهم من مال حتى يعودوا، والقسم الثاني حج التطوع الذي يزداد فيه المرء من الحسنات، فيرى ألا يدع الأبوان أولادهما عند الأقارب، لأن المكوث مع الأولاد واجب وفرض، والواجب الفرض مقدم على النفل.

وأضاف أن القسم الثالث هو الحج بالنيابة مقابل شيء من المادة، وله نتائج سيئة على الحاج والأطفال، عندما يترك الأم والأب أولادهما عند الأقارب والجيران، فهذا فيه إثم عليهم.

وأشار اللحيدان إلى أن هناك قسمين آخرين من الأسر، وهما الأسر الموسرة الذين يصطحبون أطفالهم معهم في الحج، وخاصة الرضع وغيرهم من الأطفال، مع عدم مراعاة الضغط العددي والسكاني في مشعر منى وعرفة ومزدلفة، والضغط أثناء الطواف والسعي، وهذا يشكل عبئا على الأسر الحجاج، وقد تهمل بعض الأسر أطفالها في الحج، وخاصة من صغار السن، مشيرا إلى أن على الحجاج ألا يصطحبوا معهم إلا الأبناء البالغين، موضحا أن بعض الأسر قد تترك واجبا مهما في الحج كالرمي مثلا وتوكل به إلى الغير، خشية على الأطفال الذين يكونون معهم.

وأضاف أن القسم الثاني من الأسر هم من غير الموسرين، بحيث يقومون باصطحاب أولادهم، ولكن ليس لتحجيجهم، وإنما يأخذونهم للمشاعر بحيث يضيقون على الحجاج، وينشغل الأبوان عن أطفالهم، إضافة إلى أن الأطفال قد يسببون الأوساخ والتبول، ونحو ذلك في الأماكن والطرقات، ومسؤولية الأطفال تقع بكاملها على الأسرة والمطوفين وبعض الشركات الخاصة بالحملات.