سافر ابن بطوطة شهورا ليصل إلى مكة، وأسابيع ليتأمل، وأضعافها ليرجع ويكتب. وبعد عشرات السنين تسنى للناس أن تقرأ مشاهد رحلته الشهيرة التي بدأها حاجا، ولكن بعدما بليت كتبه. في المقابل لم تكلف المهمة برمتها "تويتري" إلا ساعات قضاها نائما على مقعد طائرة، وربعها متمددا في حافلة إلى مكة، ثم ثواني ليفتح هاتفه النقال ويكتب إلى العالم: "أنا هنا في عرفات، والجو إيماني. سأتواصل معكم باستمرار".

لم يتحدث التاريخ إلا عن عدد يسير من رحالة العالم الذين كتبوا عن الحج. هم في أحسن الأحوال لا يتجاوزون خانتين. زاروا مكة فرادى طوال 14 قرنا، وكثيرا ما مضت مواسم حج ولم يكتب عنها كلمة. اليوم صار نصف الحجاج رحالة مدونين، وبقيتهم مصورين. وأينما يممت وجهك في الإنترنت فستصادف آلاف القصص ومئات الصور عن كل شيء في المشاعر المقدسة.

ففي مواقع البحث الإلكترونية، لن يطول الأمر وستجد آخر تدوين من الحج بتاريخ لا يزيد عن "ثوان". وتعليقات أعضاء موقع التواصل العالمي "تويتر"، من مكة هي أول ما سيصادفك. وتلخص مشاهداتهم في رسائل من 140 حرفا، حالة الجو ومناطق الزحام وأوصاف المشاعر. أما البعض فبادر بتحديد موقعه على الخارطة والإشارة إلى مواقع تعطل الحركة على طرقات المشاعر.

بعض المدونين كانوا موظفين منتدبين إلى مستشفيات ومراكز الخدمة في منى وعرفات، ولخصت كتاباتهم مواقفهم اليومية مع الحجاج. وآخرون تفرغوا للكتابة عن دقائقهم في رحلة الباص ونقلوا جانبا من حوارات الحجاج. باختصار يمكنك وأنت تقرأ لهم أن تعيش الحج من منزلك.

بالخطوة، يبعث أعضاء "تويتر" و"فيس بوك" رسائلهم وتعليقاتهم من الحج إلى أقصى الأرض وغربها. يتفاعل معها من في الصين وأستراليا فيطلبون صورة، و خلال ثوان قليلة تصير أمامهم. الكل صار اليوم رحالة كـ"ابن بطوطة".. ولكن بأسطر وصور طازجة لم تبلَ.