بدأت هجرة "أهل الحجاز" إلى المدينة المنورة، وهي عادة توارثتها الأجيال منذ سنوات طويلة خاصة بالنسبة لسكان جدة ومكة، وتحولت على إثرها فنادق المنطقة المركزية المجاورة للمسجد النبوي الشريف إلى محطة تلتقي فيها العائلات والأصدقاء. واستغلت جملة من هذه الفنادق الفترة بين 8 و 12 من ذي الحجة كفرصة استثمارية، حيث أعلن أغلبها عن عدم توفر غرف شاغرة رغم أن بعضها تتجاوز طاقته الاستيعابية حاجز الـ 1000 غرفة، وترفض بعض الفنادق إعطاء موظفيها إجازة استعدادا لتوافد أهل الحجاز على المدينة المنورة بعد أن أصبح الأمر متعارفا عليه بين الفنادق، فيما أعلن بعض منها عن خصوم خاصة للزوار في هذه الأيام.

وقال مدير الاستقبال بفندق "هليتون" محسن غريب إن جميع الغرف التي تتجاوز 350 غرفة محجوزة بالكامل، حيث حجزها الزوار بدءا من اليوم الثامن لذي الحجة وحتى يوم 12 منه وأغلبهم من سكان جدة ومكة.

غريب، الذي" قضى قرابة 10 سنوات في العمل بالفنادق المجاورة للمسجد النبوي، أكد أن الكثير من سكان جدة ومكة يحبون قضاء عطلة العيد في المدينة المنورة، مشيرا إلى أنه يعرف عائلات تلتقي ببعضها في بهو الفندق منذ سنوات مضت حيث يحرصون على الاجتماع سنويا في المدينة.

من جهته، قال نائب المدير التنفيذي لفندق "أنوار المدينة موفنبيك" إبراهيم الدسوقي إن سعر الإيجار في الفنادق يتحول من تاريخ 8 ولمدة خمسة أيام إلى السعر العادي وهو "سعر الحج" وهو ما تعارف عليه من قبل مستثمرو الفنادق، خاصة أن سعر الفنادق وقت موسم الحج يبقى بين العرض والطلب والحجز من قبل شركات خاصة لموسم الحج. وبين دسوقي أن بعض الغرف يصل سعرها إلى 4000 ريال لليوم الواحد خلال موسم الحج ثم تنخفض إلى أقل من النصف خلال موسم قدوم سكان جدة ومكة.

مدير إدارة قطاع الغرف بفندق أنوار المدينة عبدالرحمن الجمعان أكد أن الفندق، الذي تصل طاقته الاستيعابية إلى أكثر من ألف غرفة، بات اليوم محجوزا بالكامل حتى تاريخ 12 من ذي الحجة، وأن أغلب الزبائن من سكان جدة ومكة. وأوضح الجمعان أن الأيام الخمسة أصبحت تحقق مكاسب لأصحاب الفنادق، فيما ترفض بعض الفنادق إعطاء موظفيها إجازة استعدادا لتلك الأيام والتي أصبحت تزداد كل عام، خاصة بعد القرار الذي ينص على ضرورة عدم وجود حجاج بعد الخامس من ذي الحجة، وهو ما أنهى مشكلة عدم توفر حجوزات في الفنادق.

من جانبه، قال مدير إدارة المبيعات بالشركة العربية للمناطق السياحية "أراك" إبراهيم سندي إن نسبة الإشغال لديهم بالأجنحة مرتفعة، وإن أغلب الزبائن من جدة والرياض وشمال المملكة لطبيعة الشقق التي تناسب الأسرة. وأشار إلى أن هذه الأيام يختلف سعرها عن الحج حيث ترتفع أسعارها بعد قدوم الحجاج للمدينة.

وتعتبر هجرة أهل الحجاز إلى المدينة أمرا متعارفا عليه بين سكان جدة ومكة حيث يحضرون في الأيام التي تسبق عيد الأضحى بيومين ويؤدون الصلاة في المسجد النبوي ثم المغادرة وهي عادة حجازية قديمة.

يقول المواطن خالد مختار "منذ صغري، أحضر أنا ووالدي إلى المدينة المنورة قبل العيد بيومين والصلاة بالمسجد النبوي ونزور المواقع الأثرية".

أما حسين بخاري وعبداللطيف جميل فقالا إنهما يزوران المدينة في هذه الأيام منذ 30 عاما.

ورصدت "الوطن" هذه الأيام كثافة سكانية كبيرة خاصة في المنطقة المركزية وذلك عند الساعة العاشرة صباحا، وكذلك مركبات تقل عائلات، وشبابا يتجولون بين ساحات الفنادق والتي لا تخلو من بعض الإشكاليات.

وما إن يرتفع صوت أذان المسجد النبوي الشريف تجد الجميع يتجه للبحث عن مكان قريب من المحراب خاصة، لأن هذه الأيام فرصة سانحة للجميع، لأن أغلب الوافدين والمواطنين متجهون للمشاعر لتأدية فريضة الحج.

في ذات السياق، قالت أم تركي وأم ياسر وأم لؤي وهن سيدات قادمات من محافظة جدة للمدينة، إنهن ومنذ صغرهن يحضرن للمدينة برفقة آبائهن، من ثم برفقة أزواجهن. وأشرن في حديثهن إلى "الوطن" أنهن يبقين بجوار الروضة الشريفة حتى بعد صلاة العشاء وأنهن يفطرن يوم عرفة بالمسجد النبوي كما أكدن أن أزواجهن وأبناءهن يعرفون مسمى "هجرة أهل الحجاز" منذ سنوات طويلة.