منذ أسبوعين تقريبا حضرت محاضرتين في جدة التاريخية الأولى للدكتور عدنان اليافي والثانية للدكتور عبدالله مناع وقد نظمتهما أمانة جدة بمناسبة اليوم العالمي للتراث العمراني. وكانتا محاضرتين ممتعتين حول تاريخ جدة وما ورد عنها في كتب الرحالة والمؤرخين وكان ممتعا أكثر أنهما أقيمتا مع المعرض المصاحب في قلب جدة التاريخية في بيت – أبوصفية – الذي تم ترميمه بصورة متميزة بحيث استخدمت في الترميم مواد بناء مجمعة من نفس المنطقة التاريخية من بقايا البيوت المنهارة أو المزالة وهو جهد يحسب للأمانة وللمهندس عدنان عدس وزملائه. وقد عقبت على المحاضرتين في حينه متمنيا أن تتحول هذه المنطقة برمزيتها إلى مواقع لتصوير مسلسلات درامية أو أفلام سينمائية تحول التاريخ المكتوب عن المدينة إلى أعمال فنية حديثة تعرف الناس بذلك التاريخ وتخلد المواقع المتبقية من هذه المنطقة الجميلة على غرار مواقع تاريخية عربية وعالمية تمت الاستفادة من تاريخيتها لتعريف العالم بتاريخ المدن والبلدان التي تحتضنها عن طريق الفن الدرامي أو السينمائي الذي يعد أفضل وسيلة توصيل الآن لجاذبيته وأقوى لغة لحمل أية رسالة نظرا لاشتراك حاستي السمع والبصر في متابعته. وضربت مثلا لذلك بمسلسل باب الحارة السوري الذي مازال يواصل عروضه ويقدم تاريخ دمشق أو جوانب منه بصورة جذابة.
المواقع التاريخية والأثرية في بلادنا كثيرة جدا لكن ما تبقى منها اليوم يعد قليلا ولهيئة السياحة في الحفاظ على هذا المتبقي جهود تذكر فتشكر، فهي بصدد تسجيل الدرعية وجدة التاريخية في موسوعة التراث العالمي لدى منظمة – اليونسكو – بعد استيفاء شروط التسجيل، كما أنها تبذل جهودا في الحفاظ على ما تبقى من مواقع أثرية وتراثية في مختلف مناطق المملكة، وليتها تتوج جهودها المتميزة بدعوة شركات الإنتاج الفنية السعودية والسينمائيين السعوديين وتشجعهم على إنتاج أفلام ومسلسلات تتخذ من هذه المواقع منطلقا لتسجيل تاريخ المملكة الثري.
ولعل ما يشجع على ذلك أن المادة التاريخية متوفرة بغزارة فلا توجد منطقة من مناطق المملكة لم يحفظ تاريخها سواء ما كتبه المؤرخون القدامى أو الرحالة أو أبناء المملكة في عصرها الحديث، ولن يتبقى سوى كتابة السيناريوهات المطلوبة بواسطة متخصصين قادرين وهم كثر في بلادنا، المهم أن تتوفر الرغبة والعزيمة والتشجيع بشقيه المادي والمعنوي. وأنا على ثقة أن هيئة السياحة مؤهلة للقيام بهذا الدور الحيوي الهام الذي سيكون أفضل الوسائل للتعريف والتشجيع على السياحة للمواطنين والمقيمين في الداخل ولمن لا يعرف قيمة بلادنا في الخارج، حيث هذا النوع من الفنون أقوى وأسرع وسيلة للوصول إلى جميع الناس.