في حي إمينونو المزدحم بإسطنبول تظهر نساء بمعاطف وأوشحة داكنة مربوطة تحت الذقن جنبا إلى جنب مع نساء أخريات يرتدين ألوانا زاهية وحجابا متأنقا وملفوفا بعناية حول الوجه. قبل نحو 20 عاما لم يكن لهذا المظهر المتأنق للملتزمات دينيا وجود في تركيا. لكن اليوم أصبح للحجاب مناصرين من أعلى المستويات مثل خير النساء زوجة الرئيس عبد الله وأمينة زوجة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان.
ما زال الحجاب يمثل في تركيا أحد أكثر القضايا إثارة للجدل في كل تفاصيله، من الطريقة التي يجري بها ربط الوشاح إلى سلوكيات من ترتديه وهي قضية تزخر بالمعاني في هذا البلد الذي تسكنه أغلبية مسلمة لكنه علماني من الناحية الرسمية.
تحول الحجاب من تغطية الرأس بشكل بسيط - الذي كان شيئا موصوما في السنوات الأولى من قيام الجمهورية التركية باعتباره يدل على الرجعية والأصول الريفية - إلى زي متأنق وسلعة رائجة بصورة كبيرة وهو يجسد تحديا يواجه النخبة العلمانية في تركيا يتمثل في ظهور طبقة جديدة من المسلمين الملتزمين دينيا.
يقول الباسلان أكمان وهو مسؤول تنفيذي عن إنتاج وتسويق ماركة "أرمين" للمحجبات "كان من الصعب العثور على أزياء أنيقة للمحجبات قبل عشر سنوات. لكن الأزياء للملتزمات دينيا أحرزت تقدما هائلا خلال السنوات الست أو السبع الماضية".
تشتهر ماركة أرمين بحملاتها الإعلانية ذات التأثير الكبير إذ يجري تعليق ملصقات هائلة في قلب حي الحانات والملاهي الليلية في إسطنبول حيث تتعارض بشدة صور عارضات الأزياء المحجبات مع السائد في المنطقة.
تجمع هذه الماركة من الأزياء بين الأوشحة ذات الألوان الزاهية والمعاطف الفضفاضة والياقات الأنيقة والأزرار الكبيرة والأكمام المموجة. والسعر المعتاد للمعطف نحو 200 ليرة تركية (143.2 دولار) بينما يبلغ سعر الوشاح نحو 50 ليرة.
يقول مصطفى كارادومان مؤسس دار أزياء "تكبير" عام 1982 "كان عملنا في البداية صغيراً للغاية في العقد الأول. ثم في عام 1992 نظمنا أول عرض أزياء للأوشحة والذي حقق لنا اهتماما عالميا. أصبحت الآن الأزياء الإسلامية محل اهتمام في أنحاء العالم". مشيراً إلى أنه يعتزم فتح المزيد من المتاجر إلى جانب 90 متجرا في تركيا وعشرة في الخارج. ومن جهتها، تقول فيليز البيرق (30 عاما) التي تعمل في متجر لبيع الأوشحة بإسطنبول "نحن أكثر حظا من الأجيال السابقة، لدينا تصميمات وألوان أكثر للأوشحة يمكن المفاضلة بينها". يشار إلى أن دراسة أجريت عام 2007، أظهرت أن نحو 69 في المئة من نساء تركيا يرتدين غطاء الرأس بطريقة ما وأن 16 في المئة يرتدين الحجاب الذي يلتف بإحكام حول الرأس والعنق.