المشهد الذي أطل فيه الرئيس السابق حسني مبارك على العالم وعلى مواطنيه، وهو ممدد على سرير المرض في قفص الاتهام خلال جلسة محاكمته، مع نجليه وبعض أركان حكمه، كان مؤثرا من الناحية الإنسانية، وكان حري برئاسة المحكمة عدم استدعاء الرئيس السابق والاكتفاء باستجوابه في المستشفى حيث يعالج.

ولكن في الجانب الآخر من المشهد، وبعيدا عن الأحاسيس الإنسانية تجاه صورة مبارك في الإعلام، هناك مئات الشهداء الذين سقطوا، وآلاف الجرحى الذين سقطوا خلال ثورة 25 يناير بأوامر من مسؤولين في الدولة وعلى رأسهم كان مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، إضافة إلى ضباط كبار كانوا على صلة بمركز القرار.

بين المشهدين، أنا أنحاز إلى جانب الشهداء وعائلاتهم ورفاقهم، وأتضامن إنسانيا مع منظر مبارك وهو على سرير المرض، ولكني بالتأكيد لست متضامنا مع من قتل وأمر بالقتل، أو كان يعد نفسه ليرث الحكم، كما لا يمكن أن أتضامن مع من لطخت يداه بدماء أبناء شعبه، ولا مع من سرق قوت الفقراء ليبني إمبراطوريات مالية واقتصادية وعقارية، أو مع من باع حق الشعب وثروات الوطن لعدو العرب والمسلمين.

مشهد الأمس، يجب أن يكون أمثولة للبعض من الزعماء الذين يسعون إلى حجب نور الشمس بالغربال، ويدفنون رؤوسهم بالرمل، ويعتبرون ما يجري في بلدانهم زوبعة في فنجان.

عليهم قبل كل شيء أن يتصالحوا مع شعوبهم.