حول العديد من طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية طاولات الدراسة إلى لوحات فنية رسمت عليها القلوب والأسهم والعيون والأشعار والرموز والأزياء والوجوه والأحرف العربية والإنجليزية لتتحول هذه الطاولات الدراسية إلى صورة للتعبير اللاإرداي عن الذات وما يدور في الوجدان والتفكير.

تقول معلمة المرحلة الثانوية أسماء خضر الزهراني: إن خربشات طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية على طاولات ومقاعد الدراسة أمر ملفت للانتباه، فهو إضافة إلى كونه مظهر غير حضاري، إلا أنه مظهر يحتاج إلى دراسة، لأن الرسومات تكون في بعض الأحيان فضفضة أو تعبيرا عن الذات، وكذلك يمكن الاستفادة منها في فهم متطلبات ونفسيات طالبات هذه المرحلة.

وتقول طالبة الثانوي مرام علي: "أرسم على الطاولة بشكل لا إرادي خاصة في حصص الفراغ، أو عند عدم استيعابي للمعلومات والملل من الشرح، فأقوم لاإراديا برسم وجوه وعيون، وكتابة خربشات أو كلمات أحيانا لا أعرف معانيها".

وتشير مديرة مركز الفكر الناجح فاطمة الغزواني إلى أن علم تحليل الشخصية من كتابة خط اليد "الجرافولوجي" من أقوى العلوم في التنمية البشرية، حيث إن ما يصدر عن الإنسان من كتابة خط اليد يعبر عن الشخصية وعن جوانبها المختلفة، حيث إن هذه الكتابات والرسومات تعبر عن اللاوعي وتأتي بأمر من المخ، ويشترك فيها المخ والمخيخ والسائل الشوكي، وهي نتيجة لحركة الجهاز العصبي، حيث يتضح سلوك الإنسان من متابعته وشخبطاته ويظهر كونه عنيدا أو حزينا أو متفائلا أو اجتماعيا أو منطويا.

وأضافت: أن رسومات طالبات المتوسطة والثانوية على طاولات الدراسة تعبر كل منها عن شخصية صاحبة الرسومات، فالقلوب تدلل على الشخصية العاطفية الرومانسية الحساسة، والعيون تختلف باختلاف شكل العين والرموش من حيث الحزن أو الفرح أو التطلع للمستقبل، كما يعبر الوجه المبتسم عن الشخصية الإيجابية، والوجه الحزين عن الشخصية الناقدة، وتعبر كتابة الحروف باللغة الإنجليزية عن التطلع للمعرفة والشخصية الإبداعية.

وقال رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الملك خالد، الدكتور خالد جلبان: إن رسم الطالبة على طاولتها في الفصل يعكس همومها أو مشكلاتها التي تعاني منها، وتخجل من طرحها للناس، فتلجأ إلى نحتها واقعا أمامها.

وأضاف: أن هذه الخربشات أو الشخبطات موجودة أيضا في مدارس البنين، وعلى طاولات الدراسة لطلاب الثانوية العامة والجامعات، وهي لا تختلف عن ذلك التعبير الذي يقوم به الشباب على جدران الشوارع والطرقات، وهو تعبير عن كل ما يدور في اللاوعي، ويقوم الشاب من خلال هذه الكتابات بالتعبير عن مشاعره المكبوتة، حيث تظهر لا شعوريا ممثلة في هذه الأشكال والرسومات.

وأكد الدكتور جلبان على ارتفاع نسبة المشكلات النفسية بين طالبات الثانوية العامة باعتبارها مرحلة انتقالية. مبينا أنه قد قام بعمل دراسة اجتماعية شملت 500 طالبة في المرحلة الثانوية بمدينة أبها أكدت وجود نسبة 35% من المشكلات النفسية لدى طالبات هذه المرحلة.

وأشار إلى وجود إشكاليات في المجتمع والأسرة تؤدي إلى هذه المشاعر التي يقوم الطلاب والطالبات بتحويلها إلى لوحات ورسومات وخربشات، وكأنها تعبر عن الاعتراض.

وطالب المختصون في المجالات التعليمية ببذل كافة الجهود لتوفير حصص وبرامج وأنشطة تعمل على إخراج الطلاب والطالبات من دائرة الملل، وتحويل الحصص الدراسية إلى ورش عمل، وتفعيل حصص التربية الرياضية في مدارس البنات، وإيجاد برامج جاذبة لهذا الجيل تساعدهم على تعزيز الثقة بالنفس.