يحرص بعض المتزوجين نساء كانوا أم رجالا على إظهار مدى تمتعهم بحياة زوجية سعيدة أمام الآخرين في التجمعات والأماكن المختلفة، حتى وإن كان الواقع مخالفا لذلك، لأسباب تختلف باختلاف الوضع الاجتماعي للمتزوج وشخصيته، منها الرغبة في الحفاظ على الحياة الزوجية بأكمل صورة، أو الخوف من شماتة الآخرين وتحدثهم عنهم، أو الحفاظ على البرستيج الاجتماعي والشكل الذي من المفترض أن يبقى الإنسان من خلاله في أتم حالاته أمام الآخرين .
تقول علياء عبد الرحمن وهي سيدة متزوجة إنها تشاهد في مجتمعها نماذج كثيرة من النساء المتظاهرات بالحياة الزوجية السعيدة، وهن يفتقرن إلى أبسط مقوماتها، لافتة إلى أن من تتحدث بصوت عال عن مدى سعادتها مع زوجها، فهي غالبا تعيش العكس تماما، لأن من تعيش السعادة ليست بحاجة لإخبار الآخرين بها، ولو من باب الخوف من الحسد على الأقل، إنما يدفع هؤلاء المتزوجات للتظاهر بالسعادة الزوجية الخوف من نظرات الشماتة في أعين النساء، ومحاولة الظهور بأتم حال أمامهن .
وأضافت علياء "لا أعلم إن كان الرجال يمارسون هذا التظاهر في المجتمعات الرجالية أم لا، لكني أرى أن النساء هن الأكثر احتياجا لممارسته من الرجال، لأنهن الأكثر حرصا على كلام الناس.
وقالت عبير عسيري وهي متزوجة أنها تضطر أحيانا للادعاء أنها تعيش سعادة زوجية كبيرة، خاصة أمام قريناتها من الفتيات المتزوجات حديثا، إذ يحرصن على التباهي بمدى عيشهن سعادة زوجية من نسج خيالاتهن، لافتة إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا التظاهر مخالفا للواقع، فالبعض تتحدث عن واقع تعيشه فعلا، لكن معظمهن تبالغ في التحدث ووصف زوجها وسعادتها معه، إما لتكمل نقصا في شخصيتها أو حياتها معه .
واختلف سبب عواطف الشهراني خلف التظاهر بالسعادة الزوجية عن السابقات، إذ تقول إن الصبر وعدم حب الشكوى للأخريات والحفاظ على خصوصية الحياة الزوجية أسباب تقف خلف تظاهرها بالسعادة، وإخفائها السلبيات عن الأخريات.
وبين سلطان الغامدي أنه يعمل بعمل يضطره للتعامل مع أعداد كبيرة من الناس، وعقد العديد من العلاقات الاجتماعية ، ولذلك فهو مضطر للبس قناع الزوج السعيد ـ كما يقول ـ حتى وإن لم يكن يعيش هذه السعادة، خوفا على مكانته الاجتماعية من الذبول في أعين الناس.
وأبان أن نظرة الرجل ليست كنظرة المرأة للحياة الزوجية، إذ ينظر الرجل لها على أنها علاقة حياة، تؤثر في أعماله وعلاقاته وكل حياته، وفي نظرة الآخرين له، ولذلك فالرجل يحرص على الحفاظ على صورتها من الخدش، والبقاء على ما في نفسه من سلبيات.
ومن جانبه أوضح مدير إدارة التوجيه والإرشاد بإدارة التربية والتعليم بمحافظة محايل عبد العلام عرار الفلقي أن "السعادة الزوجية كثيرا ما تصبح مجرد قناع مزيف يرتديه بعض الأزواج أو الزوجات أمام الآخرين، وقد يحاول كل منهم إظهار الآخر في صورة خيالية ليبتعد عن مرارة الواقع، حيث تجد بعض الزوجات أنفسهن في موقف يستدعي التستر على واقع أزواجهن، وقد يكون دافعهن الخوف من مواجهة المجتمع .
وعن الأضرار النفسية والاجتماعية لهذا التظاهر بين الفلقي أن "الصراع النفسي الذي يعيشه الشخص المتظاهر بين قسوة الواقع وجمال الخيال يحدث شرخا يتكرر بتكرار الاصطدام بالواقع ، مبينا أن الرجل قد لا ينساق كالمرأة خلف المظاهر، إلا أنه قد يتظاهر أمام أصدقائه بهذه السعادة، ويرتدي هذا القناع، خاصة إذا كان وضعه الاجتماعي يتطلب الظهور بصورة مشرقة.
وعن أسباب هذا التظاهر لدى المرأة لفت الفلقي إلى أن المرأة تفعل ذلك خوفا من فقدان الزوج أو من شماتة الأخريات ، وبعضهن تريد أن تدفع زوجها لتغيير ذاته بتحدثها عن مدى سعادتها معه أمامه.