زارها أكثر من مرة حاملا خرائطه وأوراقه وقبل ذلك كاميرته، ومجندا لها فريقا بحثيا للوقوف على معالمها التاريخية الخالدة.

حيث تمثل مدينة "بدر" التي تقع جنوب غرب المدينة المنورة بمسافة 153 كيلومترا واحدة من أهم المحطات البحثية في حياة وزير الإعلام الأسبق الراحل الدكتور محمد عبده يماني، وجاءها محاضرا، ورحل إليها بعد ذلك أكثر من مرة وصور معالمها كموقعة لغزوة بدر الكبرى التي وقعت أحداثها في الـ17 من رمضان في السنة الثانية من الهجرة. وتابع دراساته البحثية عنها حتى أثمرت عن كتابه (بدر الكبرى، المدينة والغزوة) عام 1994.

وكان يقول ـ يرحمه الله ـ (إنه هدف إلى تقديم صورة متكاملة عن بدر المدينة، والموقع، والغزوة، والتاريخ، وقد صور معالم المدينة الحاضرة، والآثار الباقية فيها).

اتجه يماني لبدر حاملا في جعبته عددا من الأسئلة البحثية المهمة التي تدور حول تلك المعركة المفصلية في التاريخ الإسلامي من قبيل: أين تقع العدوة الدنيا؟ وأين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منها؟ ثم ما هي العدوة القصوى؟ وأين تقع من بدر المدينة؟ وما طبيعتها؟ وأين يقع العنقل منها؟ وأين الآبار التي ردمها الرسول؟ وأين موقع الحوض الذي بناه الصحابة بأمره وشربوا منه أثناء المعركة؟ وأين موقع القليب الذي قذفوا فيه جثث قتلى قريش؟.

كل تلك الأسئلة دفعت الباحث في معالم السيرة النبوية يماني أن يوجه عدسة كاميرته من الجو والأرض ليلتقط صورا ـ كما تقول دراساته عن بدر المكان والغزوة ثم يقوم بعد ذلك بوضع المعالم الأساسية عليها، وقد تمكن من تحديد ـ بكل دقة ممكنة ـ مكان جيش المسلمين، ومكان جيش قريش، ومكان التقاء الجيشين، ومنطقة المبارزة، ثم ساحة المعركة الكاملة بعد الهجوم، والكر والفر، ومكان قذف النبال والتحام الجيشين.

لم تتوقف عدسة يماني عند ذلك الحد بل جالت في سماء بدر لتصوير المدينة الحالية ليقدم بعد ذلك معلومات عنها من ناحية الموقع وعدد السكان، وطبيعة المدينة وجيولوجيتها وثرواتها ومصادر المياه فيها وغيرها من معلومات تضمنتها دراساته عن المدينة التاريخية.

ويتذكر الباحث في معالم المدينة المنورة التاريخية الدكتور تنيضب الفايدي الذي رافق يماني في رحلاته البحثية ويروي لـ"الوطن" أنه دعي حينها لحضور محاضرة ليماني في بدر وجال معه خلال فترة العصر على عدد من معالم المدينة المرتبطة بغزوة بدر الكبرى برفقة عدد من الوجهاء والمثقفين من بينهم محافظ بدر حينها مبارك آل نامي الشريف وعدد من المهتمين والمشتغلين بالتاريخ.

يتذكر الفايدي أنهم جلسوا من يماني حينها تحت موقع العدوة الدنيا الذي يسمى بـ(إبرق الحنان) وتحدث حينها ـ يرحمه الله ـ عن كيفية دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وقام بتحديد العدوة القصوى وكذلك عريش رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ دون أن ينسى وجود طائرة تصور معالم بدر بما فيها جبال شرق بدر التي تسمى (الصدمة) وجبال جنوب بدر التي تسمى (العدوة القصوى) وهي مقر معسكر المشركين.