على الرغم من أن حملات التحذير الماضية ساهمت في نظافة المطارات السعودية من روائح الدخان للمرة الأولى، إلا أن اليوم الأول لتطبيق قرار منع التدخين في المطارات لم يمر دون توقيع عقوبة الغرامة (200 ريال) بحق عدد محدود من المدخنين لم يتجاوز 22 حالة، فيما اعتبر هؤلاء أنها غرامة "أغلى سيجارة" في حياتهم. وترافق تطبيق القرار مع تخصيص غرف خاصة بالمدخنين.
البعض تعلل بالنسيان، وآخرون قالوا إن سيجارة ما بعد الإفطار شر لا بد منه، بينما وصل الأمر بمسافر آسيوي أن حاول حين ضبطه إخفاء السيجارة بإطفائها بيده، إلا أن عين الرقيب كانت له بالمرصاد، المفارقة أن عذره الذي ردده بلهجة عربية مهلهلة "أنا ما في معلوم" لم يعفه من الغرامة أيضا.
ووفق مصادر "الوطن" فقد تصدر مطار الملك عبدالعزيز بجدة قائمة الغـرامات؛ إذ بلغ عدد المخالفات 18 حالة من الساعة 12 ليلا حتى الرابعة عصر أمس، فيما توزعت بقية الحالات على مطاري الملك خـالد بالرياض، والملك فهد بالدمـام، بينما لم تدخل المطارات الداخليـة والإقليمية في إحصائيات اليـوم الأول لتطبيـق القرار.
بدأت الهيئة العامة للطيران المدني، صباح أمس، التطبيق الفعلي لقرار فرض مخالفات التدخين في كافة مطارات المملكة الدولية والمحلية عبر ضبط 22 حالة تدخين في مطارات الملك عبد العزيز بجدة، والملك خالد بالرياض، والملك فهد بالدمام، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر "الوطن" أن المخالفات التي تم تسجيلها منذ الساعة 12 ليلا، وحتى الرابعة عصر أمس، بلغت قرابة 22 حالة، منها 18 حالة في مطار الملك عبد العزيز بجدة، فيما توزعت بقية الحالات على مطاري الملك خالد بالرياض، والملك فهد بالدمام، وأن المطارات الداخلية والإقليمية لم تدخل بعد في إحصائيات اليوم الأول لتطبيق القرار.
من جانبه، دشن رئيس الهيئة العامة للطيران المدني المهندس عبد الله نور رحيمي، أمس، فعاليات التطبيق الفعلي لقرار فرض الغرامات على مخالفي منع التدخين بالمطارات السعودية، وحضر المعرض الذي تمت إقامته للتوعية بأضرار التدخين في مطار الملك عبد العزيز بجدة، إلى جانب عدد من المسؤولين بالمطار، وممثلي برنامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة، وعدد من أعضاء جمعية " كفى" للتوعية بأضرار التدخين.
آلية موحدة
وأكد رحيمي خلال مشاركته ضمن ورشة عمل نظمتها إدارة مطار الملك عبد العزيز لتدريب العاملين في المطار على آليات تطبيق الغرامة، وطرق التعامل مع المخالفين، أن إدارته اتخذت كافة الإجراءات المساندة لتطبيق القرار في كل المطارات، ووفقا لآلية موحدة، وإجراءات واضحة ومحددة، تنظمها اللائحة التنفيذية التي أعدتها الهيئة، وتم التنسيق حيال تطبيقها مع الجهات الأمنية العاملة في المطارات.
وقال رحيمي في تصريحات أمس "إن تطبيق غرامة التدخين في المطارات تم بناء على قرار من مجلس الوزراء الموقر لإعطاء القرار قوة في الصرامة والتطبيق الجاد بهدف المحافظة على مطارات صحية وخالية من التدخين، ولم يكن الهدف منه جمع الأموال وإنما رغبة في دعم برامج مكافحة التدخين نظرا لما له من أضرار يعلمها الجميع". مشيرا إلى أن الهيئة اتخذت كافة الإجراءات المساندة لتطبيق القرار في كافة المطارات وفق آلية موحدة وإجراء واضح ومحدد من خلال اللائحة التنفيذية التي قامت بإعدادها الهيئة وحظيت بموافقة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، وتم بناء على ذلك التنسيق مع الجهات الأمنية العاملة في المطارات وقد أبدوا تعاونا مثمرا في تطبيق القرار وفقا لما ورد في اللائحة.
وأوضح رئيس هيئة الطيران المدني " أن الهيئة تسعى لتحقيق الهدف من تطبيق هذه الغرامة عبر توجيه رسالة توعية للإقلاع عن التدخين حفاظا على الصحة، وأنه تم البدء في توجيه رسائل توعوية عبر مختلف وسائل الإعلام، وعبر أجهزة النداء الصوتي في المطارات، والتنسيق مع شركات الطيران بضرورة إعلام المسافرين القادمين إلى المملكة بتطبيق قرار غرامة التدخين في صالات السفر وردهات المطارات، وتنبيه كافة القطاعات العاملة في المطار بمنع موظفيها من التدخين استجابة لهذا القرار".
دعم الإقلاع
وتوقع رحيمي في تصريحه "أن ثمار هذا القرار سوف تشجع المدخنين على الامتناع عن التدخين حتى في الأماكن العامة حيث يساهم القرار في دعم الجانب الثقافي بأضرار التدخين وسوف يدركون أن لغير المدخنين حقوقا يجب عليهم مراعاتها وهي بقاء هذه المرافق خالية من التدخين لضمان سلامة وصحة الجميع".
وكان مجلس الوزراء أيد ما رفعه الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني بشأن لائحة المسؤوليات والغرامات الخاصة بمنع التدخين داخل المطارات، حيث قضت الأنظمة فرض غرامة قدرها 200 ريال على كل من يخالف شروط وضوابط منع التدخين في المطارات الداخلية والدولية.
من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لجمعية التوعية بأضرار التدخين والمخدرات "كفى" عبدالله سروجي لـ "الوطن" أن الجمعية شاركت في معرض التوعية بأضرار التدخين، الذي أقيم أمس في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، وقدمت عرضا وافيا لمخاطر التدخين، إلى جانب صور حية لمراحل التأثيرات السلبية التي يخلفها التبغ على صحة المدخن، مشيدا بالقرار الذي يحظر التدخين في صالات المطارات السعودية.
توعية بلغتين
في المقابل بدأت إدارة مطار الملك خالد الدولي بالرياض، صباح أمس، تطبيق قرار منع التدخين في جميع صالات المطار، وفرض عقوبات وغرامات على من لا يلتزمون بقرار المنع بعد أن أكملت إدارة المطار برنامجها التوعوي الموجه نحو الركاب والزوار والموظفين العاملين في المطار، باللغتين العربية والإنجليزية وبأساليب صوتية ومقروءة.
كما تم تخصيص قاعتين للتدخين في كل صالات المغادرة والترانزيت الثلاث، وفقاً لما جاء في القرار، مع وضع لوحات "ممنوع التدخين" مع توضيح للغرامة المقررة للمخالفين باللغتين العربية والإنجليزية على مداخل ومخارج الصالات وفي جميع مناطق تواجد مرتادي المطار.
في الوقت نفسه، يجري التنويه دورياً عبر نظام الإعلان الداخلي وعبر شاشات معلومات الرحلات عن منع التدخين والغرامة المقررة. وجرت مخاطبة جميع الإدارات الحكومية ومكاتب شركات الطيران والشركات التجارية والاستثمارية وشركات المقاولات العاملة في المطار بشأن منع التدخين مع ضرورة إشعار موظفيها بمنع التدخين والغرامة والجزاءات المقررة على من يخالف ذلك، وحث شركات الطيران على إشعار ركابها بالقرار.
وفيما يتعلق بآلية تطبيق القرار، تم توزيع مسؤوليات المراقبة وتحرير المخالفات وتسجيلها على نحو ما جاء في القرار، حيث يقوم العاملون في وحدة أمن المطار في الصالات التجارية والساحات والشحن الجوي والطيران الخاص بمراقبة منع التدخين ضمن مهامهم اليومية، والاستجابة لما يردهم من إدارة المطار والإدارات الحكومية والشركات العاملة في المطار بهذا الشأن لضبط وتحرير المخالفات والحالات التي تستدعي تدخلهم لمنع التدخين.
وتقوم وحدة أمن المطار بإرسال المخالفات المحررة إلى شرطة المطار لتسجيلها ضمن نظام المخالفات المدنية بمركز المعلومات الوطني التابع لوزارة الداخلية بموجب رقم الهوية الوطنية للمواطنين ورقم الإقامة للمقيمين، لتحصيل الغرامات وإيداعها في حساب الصندوق الخاص لمشروع نظام مكافحة التدخين بوزارة الصحة، وتزويد إدارة المطار بنسخة من الإجراءات التي تمت، كما يقوم العاملون من إدارة المطار في الصالات والساحات والشحن الجوي والطيران الخاص بمراقبة منع التدخين ضمن مهامهم اليومية، والتنسيق في هذا الشأن مع وحدة أمن المطار لتحرير المخالفات والحالات التي تستدعي تدخلهم لمنع التدخين.
مسؤولية جماعية
واعتبر القرار كل جهة في المطار سواء كانت إدارة حكومية أو شركة طيران أو شركة تجارية أو شركة استثمارية أو مقاولا مسؤولة عن منع التدخين ومراقبة ذلك في مواقع العمل التي تحت إشرافها ومسؤوليتها، والتنسيق في هذا الشأن مع وحدة أمن المطار لتحرير المخالفات والحالات التي تستدعي تدخلهم لمنع التدخين.
أما الجهات القائمة على تطبيق القرار فهي وحدة أمن المطار وشرطة المطار بشكل تنفيذي، وإدارة المطار بشكل رقابي، إضافة إلى جميع الإدارات الحكومية وشركات الطيران والشركات التجارية والاستثمارية والمقاولين، كل حسب مواقع العمل التابع له.
وفي جولة ميدانية في صالات مطار الملك خالد الدولي بالرياض طالب المواطن محمد محمود البراهيم وهو من منسوبي الديوان الملكي بضرورة تخصيص قاعات لكبار الشخصيات للتدخين بها، واصفاً القاعات الموجودة حالياً بأنها أشبه ما تكون بـ "دورات مياه" مجددة. داعيا إلى تقدير المدخنين ووضعهم في أماكن محترمة تليق بهم.
أما المسافر المواطن عبد الرحمن الحازمي فوصف تطبيق منع التدخين في المطارات بأنه عمل طيب، متمنياً تطبيقه في الأسواق والمحلات التجارية والأماكن المغلقة. وقال المسافر أحمد حسين "فلسطيني الجنسية" أثناء جلوسه في قاعة التدخين: "أؤيد تطبيق منع التدخين في الصالات وفي الأماكن العامة، فرغم أنني أدخن منذ مدة لكنني لا أدخن في بيتي أو في سيارتي، كما أؤيد فكرة تخصيص قاعة للتدخين في صالات المطار".
فيما اعتبر مسافر إريتري استطلعت "الوطن" رأيه أن القرار ليس صارماً ولا رادعاً، فالغرامة بسيطة جدا، كذلك العقوبات ليست رادعة كتلك المعمول بها في معظم المطارات الدولية، مبيناً أن الغرامة في الخارج 100 دولار إضافة إلى تحويل المخالف للمحكمة وإلغاء رحلته. وتابع: "أتمنى ألا أرى موظفي المطارات يدخنون قبل المسافرين كما كانوا سابقا".
تبريرات لتفادي الغرامة في مطار جدة
جدة: أحمد ردة
لم يخل اليوم الأول لتطبيق الغرامات الجزائية بحق المدخنين في المطارات من المواقف الطريفة التي أتت إما كردة فعل عفوية للمدخنين الذين لم يكن لديهم أي علم أو دراية عن تلك الغرامات، بحسب إفادتهم، أو كانت بمثابة المفاجأة غير المتوقعة بتاتا.
واعتبر بعض المسافرين في المطار الذين أصروا على الاستمرار في التدخين أن الأمر لا يعدو كونه مجرد وعيد فقط دون عقوبة تذكر. وقال أحد الذين أوقعت بحقهم غرامة المئتي ريال يوم أمس في مطار الملك عبدالعزيز بجدة بعد أن تسلم قسيمة الغرامة قبل أن يلحق بإحدى الرحلات الدولية المغادرة إنها "أغلى سيجارة دخنتها في حياتي. ومرارة الغرامة أفسدت عليّ متعتها"!.
مسافر آخر تم ضبطه حين كان يهم بالدخول لصالة الرحلات المغادرة بمطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة وهو يدفع عربة تحمل كما كبيرا من الحقائب وهو مشعل سيجارته ليتلقفه فريق ضبط المخالفات بغرامة مالية سريعة ولم تجد توسلاته بأنه "نسي" أن اليوم هو موعد تطبيق غرامة التدخين في المطار.
ومسافر آخر حين تم ضبطه تعلل بأنه لم يتناول سيجارة ما بعد الإفطار والتي تعني له ولكثير من المدخنين الكثير وباءت توسلاته بالفشل بقوله " بالله آخر مرة أدخن في المطار".
آسيوي في موقع آخر داخل المطار حاول إخفاء السيجارة حين تم ضبطه بإطفائها بيده إلا أن عين الرقيب كانت له بالمرصاد غير أن عذره الذي ردده بلهجة عربية مهلهلة "أنا ما في معلوم.." لم يعفه من الغرامة أيضا.
مطار الملك فهد بالدمام لوح بالكارت الأحمر .. فالتزم الجميع!
الدمام : مفرح الجبيري
مع بدء سريان تطبيق قرار مجلس الوزراء بمنع التدخين في المطارات اعتبارا من أمس لوح مطار الملك فهد بالدمام بـ "الكارت الأحمر" في انتظار المدخنين بين صفوف القادمين والمغادرين، إلا أنه لم يتم رصد أحد حتى إعداد هذه القصة للنشر.
وقال مدير المطار المهندس خالد المزعل إنه لم يتم تطبيق أي مخالفة في اليوم الأول من تنفيذ القرار. موضحا في تصريح لـ "الوطن" ظهر أمس أنه قام بجولة مشتركة مع رؤساء الدوائر الحكومية شملت مكاتب شركات الطيران والجهات الحكومية العاملة في المطار للتأكد من تطبيق قرار منع التدخين في المطار, مبديا سعادته بتفهم الجميع لهذا القرار والتزام الجميع به.
وأضاف المزعل أنه سبق تطبيق القرار عمل برامج توعوية ومعارض في المطار، قامت بها الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين في المنطقة الشرقية، وبرنامج مكافحة التدخين بوزارة الصحة, مشيرا إلى أن الهدف من تطبيق منع التدخين بالمطارات ليس العقوبة, بل لضمان حقوق غير المدخنين ورفع نسبة مستوى الوعي بأضرار التدخين, وإيجاد بيئة خالية من التدخين في المطار.
أم فارس تدعو في المسجد النبوي أن تقلع وابنها عن التدخين
المدينة المنورة: خالد الجهني
يستغل بعض الحجاج وصولهم إلى الديار المقدسة وزيارة المسجد النبوي الشريف، للإقلاع عن تعاطي التدخين بعد سنوات من تعاطيه، والذي تسبب لهم في مشكلات صحية ومالية، متخذين حديث الرسول صلى عليه وسلم " مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" دافعا قويا لترك عادة التدخين.
وأوضح الحاج كاظم من الأردن 52 عاما أنه يتعاطى التدخين حتى أرهقه ماديا وصحيا وأصبح يراجع كثيرا من العيادات بسبب الأمراض التي عانى منها، متمنيا أن يترك تعاطي التدخين من صعيد عرفات بعد أن قطع مسافات بعيدة من أجل الحج.
وبحسب رصد "الوطن" يبحث المدخنون عن مخرج للوصول إلى بائعي التبغ بالمنطقة المركزية والذين عادة ما يكونون من العمالة الوافدة التي تبيعه بأسعار مرتفعة حتى لو تطلب ذلك من الحاج قطع مسافات بعيدة للحصول على الدخان.
وينفث حازم دخان سجارته بين الحجاج ويلقى دعوات من الجميع بترك تلك العادة، ومن ضمنهم والدته التي تتمني أن ترجع إلى مصر وهما تاركان لعادة تعاطي التبغ. فيما قال حازم "بعد وصولي للمدينة توقفت عنه 12 ساعة وبإذن الله أحاول أن أترك تلك العادة لله ثم لوالدتي التي تدعو لي ولها بكل أرجاء المسجد النبوي الشريف".
ورغم قسوة الزمن التي بقيت على ملامح أم فارس التي تجاوزت العقد السابع والتي تتعاطى التدخين بجوار زوجها وولدها، إلا أنها تتمنى ترك تلك العادة، غير أن استعمال التدخين من قبل أفراد الأسرة جعلها أسيرة لهذه العادة. وأشارت أم فارس إلى أنها منذ أكثر من 57 عاما وهي تدخن وتتذكر أن أول مرة تعاطت به التدخين بالمدرسة وتلقت "علقة" ساخنة على يد مديرة المدرسة آنذاك مما جعلها تهرب من المدرسة حتى اليوم.
يذكر أن أمانة المدينة المنورة تحظر بيع التبغ في المدينة المنورة، ولذلك أصدرت عددا من الأنظمة والقوانين التي تطبق على المحلات المخالفة للقرار وتوقع غرامات مالية تبدأ من خمسة آلاف ريال وتنتهي بإغلاق المحل نهائيا.