يتهكم البعض على سلوكيات بعض المتقاعدين، من أنهم يدورون على "لمبات" المنزل ويبدؤون بإطفائها!

وهذه حقيقة واضحة.. لكنها لا تأتي من باب الفراغ الذي يعاني منه المتقاعد.. بل ربما لكونه قد توصل لقناعة تامة بأهمية توفير الطاقة الكهربائية.. وضرورة الحفاظ عليها.

كل فعاليات المجتمع تتحدث عن التوفير.. وحدها الكهرباء لا أحد يطالب بالحفاظ عليها.. الكل يطالب بتيار كهربائي متصل.. ولا أحد يطالب بالاقتصاد في استخدامه!

قرى كثيرة نمر بها ليلاً نشاهد أنوارها من مسافات بعيدة.. لا يعلم الإنسان الحكمة من إنارة الطريق قبل الوصول إلى هذه القرية بمسافة كيلومترات عدة.. ما هي الآثار أو المجسمات المهمة التي يريد أهل قرية الأشباح أن يراها المسافر؟

كل ما على الطريق دوار يضم مجموعة "قراشيع" ـ دلة وإبريق أحمر وصحن مفاطيح ـ وفي الجانب الآخر جذع شجرة يابسة، وبقالة بداخلها عامل يضحك دون سبب.. ومخبز مغلق، ومطعم يبيع لحوماً فاسدة، ومحطة بنزين متهالكة يقف جوارها رجل كبير في السن ينظر إليك ويغمز بعينه.. وبنشر مفتوح لكن لا أحد بداخله.. ومجموعة كلاب هزيلة تنبح خلف المطعم!

قرية مثل هذه ـ وغيرها آلاف القرى في كل زاوية من زوايا بلادنا ـ تهدر طاقة كهربائية هائلة.. ما الحكمة من ذلك.. هل يتنافس أهل القرى على حساب مدخرات الأجيال القادمة.. ألا توجد جهات تحد من هذا الهدر؟

لدينا هدر كبير في الطاقة الكهربائية.. الأمر لا يتعلق بالطرق البعيدة.. مؤسسات الحكومة ـ المدارس بالذات ـ هي أكبر "الهادرين" أيضاً ، الإضاءة تعمل على مدار الساعة.. المكيفات تعمل ليل نهار.. يفترض أن يكون جزءاً من عمل "هيئة الرقابة والتحقيق" هو مراقبة استهلاك الطاقة الكهربائية في مؤسسات الدولة.. وتدقيق الفواتير!

نسبة كبيرة من الطاقة الكهربائية التي يتم إنتاجها في بلادنا تذهب هدراً!