تجاوز الفن التشكيلي دوره التقليدي من مجرد ألوان يستمتع بها الناظرون إلى أن يكون ضمن منظومة العلاج النفسي بعد أن طوره وسخره الطب النفسي الحديث ليلعب دورا رديفا في علاج بعض الاضطرابات النفسية مثل التوحد وصعوبات التعلم والنشاط الزائد.

وحول أكثر الفئات العمرية التي يمكن علاجها بالفن التشكيلي قالت الاختصاصية سارة حاتم أبوالسمح لـ"الوطن": إن الجميع يمكن أن يخضعوا لهذا النوع من العلاج الذي يهدف إلى التعبير عن النفس في قالب آمن.

مشيرة إلى أن مجالات الفن التشكيلي المختلفة تجذب الكثير نحوها، وأن جميع الفئات العمرية الأطفال والشباب والبالغين وحتى كبار السن يمكن أن يستفيدوا من هذه التقنية.

وأضافت أبوالسمح: أن هناك فئات مرضية مختلفة من الممكن أن يساعدهم العلاج بالفن، منها بعض الاضطرابات النفسية كمصابي التوحد وصعوبات التعلم والنشاط الزائد، وكذلك بعض الذين يعانون من مشاكل أو أمراض بدنية، كما أن العلاج بالفن التشكيلي يخدم المرضى النفسيين بجميع فئاتهم العمرية، وذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم المعاقون، على أن يكون ذلك ضمن شروط ومنظومة خاصة، بالإضافة إلى العلاجات البدنية الأخرى.

وقالت: إن هذا النوع من العلاج لا يقتصر فقط على المرضى، ولكن يمكن أن يخدم العاديين من حيث إنه يعطي للفرد فرصة التعبير عن مكنونات ذاته دون أن يستمر في كبتها، فتخرج في وقت لاحق على شكل مشاكل أو آلام أو اضطرابات نفسية أو تربوية أو اجتماعية أو مدنية، وهو بهذا يعتبر علاجا وقائيا من الدرجة الأولى يستطيع الفرد أن يستفيد منه بشكل مباشر.

وعن مستوى وعي الناس والمجتمع بهذا النوع من العلاج، قالت أبوالسمح: إن الفن التشكيلي قبل أن يكون مادة علاجية مازال من المجالات التي يمارسها الأطفال بشكل فطري، ويجدونه عملا ممتعا فلا يشعرون بالضيق عند معالجتهم، إضافة إلى أنه لغة بصرية لهم قبل أن يبدؤو بالكلام.

وأوضحت أن العلاج بالفن التشكيلي بدأ في المملكة منذ عام 1995 عندما قدمه الدكتور عوض اليامي، وكان الإقبال عليه منقطع النظير، وكان مقتصرا فقط على مراجعي الدكتور اليامي، ثم بدأ الأخير بتكوين فرق علاجية وتدريبهم بشكل مكثف ليساهموا في نشر الفكرة، وتم التوسع في العلاج بشكل يناسب النمو المهني لعلم النفس في المملكة من خلال تلك الفرق، وبدأ العلاج بالفن التشكيلي في منطقة الرياض.

وأضافت أبوالسمح: أنه لم تتح فرص كافية لتجربة العلاج بهذه التقنية الحديثة بحكم قلة الممارسين المرخص لهم، ولكن من خلال آخر تجربة قامت بها مجموعة من الشباب والشابات الذين يتم تدريبهم حاليا بالمشاركة في المهرجانات الثقافية والذين وجدوا الفرصة للاختبار الحقيقي لمدى تجاوب وتفاهم المجتمع بمختلف طبقاته وشرائحه الاجتماعية لهذا المجال الحديث، تبين أن هناك تجاوبا إيجابيا ومشجعا بشكل غير متوقع من قبل.

وأشارت الاختصاصية إلى أن هناك جمعية مخصصة للعلاج بالفن التشكيلي لا تزال في طور التأسيس، وتهدف إلى نشر الوعي بهذا النوع من العلاج، وتقديمه للمجتمع بصورة صحيحة، وتحارب الممارسات الخاطئه والخلط بين العلاج بالفن التشكيلي وتدريس مادة الرسم. مشيرة إلى أن العلاج بالفن التشكيلي لا يهدف إلى تعليم أو إكساب المهارات الفنية لدى الفرد بل إلى التعبير النفسي من خلال الفن التشكيلي.