تحول الذهاب إلى مطاعم الوجبات السريعة إلى نوع من التنزه والمكافأة التي تقدمها العديد من الأسر لأطفالها. وقد أدركت العديد من المطاعم حقيقة أنه كثيرا ما يكون الطفل هو الدافع الرئيسي لأسرته لزيارة المطعم فباتت تتنافس على جذب الأطفال بشتى السبل الممكنة بدءاً من الهدايا ووصولا إلى توفير الألعاب داخل المطعم بما يشبه مدينة ملاهٍ مصغرة. لكن لا يدرك الكثير من الآباء أن للوجبات السريعة بما تتميز به من طريقة إعداد تشكل خطراً كبيراً على صحة أطفالهم الذين أرادوا إسعادهم باصطحابهم إلى تلك المطاعم. ويقول طبيب الأطفال حامد الشمري: قد يجهل الأهل أو يتجاهلون مدى خطورة الوجبات السريعة على فلذات أكبادهم ومنها أمراض القلب والسكري والسمنة المفرطة التي قد يصاب بها الطفل. والكثير من الدراسات والبحوث التي أجريت حديثاً تعمق الصلة بين الوجبات السريعة وهذه الأمراض. ويتابع: لا بديل للغذاء الصحي بالنسبة للأطفال وهو مطلب أساسي لنموهم, فهم أمانة في أعناق والديهم، والأسرة المسؤول الرئيسي عن صحة أطفالها، ويجب مراعاة الله فيهم وعدم الرضوخ لطلباتهم التي قد تسبب لهم مثل تلك الأمراض.
أما الدكتور محمد العنزي المتخصص في جراحة الكلى والمسالك فيقول: لا يختلف اثنان على الأضرار الناجمة عن تناول الوجبات السريعة، وآثارها السلبية جدا على صحة الأطفال، فدائما الطفل يحتاج إلى الأكل الصحي السليم المتنوع لا إلى الوجبات السريعة المزينة بالهدايا، والتي تقود الطفل نحو الانتفاخ والسمنة المفرطة وتراكم الدهون التي تضر بجميع أعضائه خاصة القلب والكلى.
أما مشرفة الاقتصاد المنزلي مسفرة الغامدي فتقول: الجميع يرغب في إسعاد أطفاله وإدخال البهجة إلى قلوبهم، ولكن أن يجتذب الأطفال للوجبات السريعة عن طريق اللعب والهدايا فهذا كثير. وتضيف: الوجبات السريعة أصبحت محاربة في الدول المتقدمة وتجرى عليها العديد من الدراسات التي تثبت مدى خطورتها على الإنسان، فما بالك بالطفل الصغير، وذلك بجانب أن هذه الوجبات مكلفة من الناحية الاقتصادية للأسرة فسعر الوجبة الواحدة للطفل يتراوح ما بين 10 إلى 17 ريالا.
ويقول المواطن أبو عادل (لديه 5 أطفال): المشكلة تكمن في الهدية التي تقدم في وجبة الأطفال، ينصتون إلى أقرانهم في المدرسة وهم يتحدثون عن أن المطعم "الفلاني" يقدم الهدايا مع الوجبات، ولا أملك إلا أن اصطحبهم إليه بعد إلحاحهم الشديد.
أما أم خالد فتقول: إن محتوى ما يقدم في الوجبة لا يتناسب مع سعرها فهي مكلفة جدا، والهدية التي يجبرنا الأولاد على الحضور من أجلها بالكاد يمكن اعتبارها هدية رمزية، وأحيانا تكون عبارة عن هدية تركيب، فنضطر إلى طلب وجبة أخرى من أجل إكمالها.
ويقول أبو عبدالله: ما المشكلة لو قدمت المطاعم الوجبات الصحية والعصائر الطازجة للأطفال فمن الضروري توعية الأهل بخطورة الوجبات الجاهزة، وعدم موافقة الأطفال على الذهاب إليها.
ويقول(ف. ل. التركي) موظف في أحد المطاعم التي اشتهرت بتقديم الهدايا للأطفال: لا أحد يستطيع إنكار القيمة المعنوية للهدية بالنسبة للطفل، فنحن نقدم الوجبات الجاهزة التي تخضع بشكل دوري لمراقبة البلدية، ويتراوح سعر الوجبة الواحدة للطفل ما بين 10 إلى 15 ريالا بالإضافة إلى هدية مجانية تقدم للطفل أثناء تقديم الوجبة.
أما الطفلة شوق العنزي (10سنوات) فتقول: علمت من صديقتي في المدرسة بافتتاح مطعم يقوم بتقديم الهدايا مع الوجبات بالإضافة إلى صالة للألعاب وعلى الفور توجهت إلى والدتي وأخبرتها برغبتي في الحصول على الهدية وتناول وجبة. وتقول أم شوق: لا أستطيع رفض طلب لابنتي، على الرغم من قناعتي التامة بضرر الوجبات السريعة على الأطفال، لكن لم استطع مقاومة وإلحاح ابنتي شوق وإصرارها على الذهاب للمطعم كما فعلت صديقتها. وهكذا أصبحت من زبائن المطعم الذي نرتاده باستمرار، كل هذا بسبب الهدية البسيطة التي ترافق الوجبة.