تمارس الأندية والإعلام لعبة أشبه ما تكون بلعبة القط والفار. ويريد رؤساء الأندية أن يركز الإعلام على الإيجابيات في أنديتهم، فيما يرى الإعلاميون أن إنتقاد السلبيات في صميم عملهم، ومن هنا يأتي التصادم أحياناً والوفاق أخرى.

ولا تكاد تمر مناسبة دون أن يشير مسؤولو الأندية إلى أن الإعلام ضخم مشكلة ناديهم، أو أنه كان طرفاً في نشر قصة تطورت وأساءت للنادي، ودون أن يشار إلى أنه يسعى خلف الإثارة وأن هذه الإثارة هي فقط الهدف من كل عمل إعلامي حتى لو جانب الحقائق.

في المقابل يصر الإعلاميون على أن دورهم هو كشف الحقائق، وأن رصدهم للأحداث يجب أن يتم من منظورها المجرد وليس وفق رؤية الإدارات لها.

ومابين هذين الطرفين تحركت "الوطن" لتعرف ما الذي تريده الأندية أو رؤساؤها تحديداً من الإعلام، حيث يقول رئيس نادي الرائد فهد المطوع إنه مع الإعلام قلباً وقالباً، لكنه يتهم بعض الإعلاميين بأنهم يقدمون أعمالهم بناء على اجتهادات شخصية، وأن هذه قد تخطئ أحياناً ولا تصيب كما يتوقعون، مما يسبب إرباكاً في عمل المسؤولين في الأندية، خصوصاً إذا كانت المعلومة التي نقلها الإعلامي من شأن الإدارة، ويضيف "أقدر عمل الصحفي لكنه رجل يبحث عن الإثارة، وإذا تعجل في نشر الخبر أحدث الإثارة المطلوبة في العمل الصحفي وحقق مبتغاه، أما لو تأخر فإنه قد يفقد الإثارة التي تعتمد عليها الصحافة في كل مكان، لكنني أرجو أن يتحرى الدقة في نقل المعلومة قدر الإمكان".

وعلى الصعيد نفسه، يرى رئيس نادي التعاون محمد السراح أن الإعلام شريك أساسي في الرياضة السعودية، وأنه المرآة الحقيقية للأندية، وهو من يقوم بإظهار أعمالها الإيجابية، لكنه يتمنى مراعاة الدقة في الطرح بحيث لا يتم نشر إشاعات أو اختلاق قصص لمجرد الإثارة، ويقول "لا بد أن يكون الإعلام هادفاً ولا يعني هذا أننا ضد النقد بل نحرص عليه لأنه أداة تطوير، لكن يجب أن يستند الإعلام إلى ركائز ومنهجية منها تحري البحث عن المعلومة والدقة في نقلها وطرحها.

كما يجب ألا يهدف إلى المساس بأشخاص بعينهم، ولا يخلط بين الشخص والنادي، كما يعاني رؤساء الأندية من رجال الأعمال من خلط الإعلامي الذي يسيء إلى أعمالهم الخاصة ويتدخل فيها حتى لو كانت بعيدة عن الرياضة". ويضيف "على الإعلام ألا يركز فقط على السلبيات، فنشر الإيجابيات مهم لتشجيع المسؤولين، كما أن نشر السلبيات يجب أن يتم في إطار إيجاد الحلول لمساعدة الأندية على تخطي مشكلاتها، ونحن نرحب بطرح القضايا التي تعترض مسيرتنا لكن لا بد من أن ترفق بحلول ليكون العمل الإعلامي مكتملاً لايعاني من النقص".

ويؤكد السراح على أنه كرئيس ناد لا يعتبر الإعلام وسيلة دفاع عن الأندية بل يريده أن يكون داعما لها. ويضرب مثلاً بمشروع (طيور الجنة) الاجتماعي الذي قام به في نادي التعاون، إذ لم يهتم الإعلام بإلقاء الضوء عليه وإبراز إيجابياته للمجتمع كونه لا يتعلق بكرة القدم، مما يعني أن هناك قصوراً في الإعلام لعدم اهتمامه بالجوانب الاجتماعية والثقافية على غرار الرياضية.

ويتابع أن المشكلة التي يرجو علاجها هي ألا ينسب أي خلل في اللاعب أو النادي إلى رئيس النادي، وقال "يقوم الإعلام أحياناً بالتجريح لأن لاعباً ما أضاع ضربة جزاء، أو يطالب رئيس النادي بلاعب معين وإدارة النادي لا تستطيع تأمين التعاقد معه لضعف إمكانياته المادية، وهذا يقود إلى ضرورة التوازن في الطرح الإعلامي، والواقعية في العمل".

في المقابل يقول الإعلامي الزميل صالح الطريقي إن معظم رؤساء الأندية يقدمون العطاء بحثاً عن الشهرة فيدفعون ملايين طائلة إلى إدارة النادي لمدة معينة دون النظر إلى مستقبل النادي ومصلحة الرياضة، وإن البعض منهم يعطي كي يصبح شخصية عامة وهو من رجال الأعمال ليصل إلى مبتغاه في أعماله الخاصة، وهم يريدون من الإعلام أن يتحول إلى إعلان دون أن يتنبهوا إلى أنهم دفعوا إلى النادي وليس إلى الإعلام، فلا بد أن يكونوا عرضة للنقد والهجوم، ويقول "طالما أن رؤساء الأندية قبلوا أن تسلط عليهم الأضواء، فلا بد هنا أن يتقبلوا النقد ويدفعوا الثمن، فمن المستحيل أن يأتوا فقط من أجل تلميعهم فيروا أن الإعلام هو سبب المشاكل، وهي موجودة، إنما الإعلام يكتب عنها فقط".

وحول دور الإعلام في إيجاد الحلول للمشاكل التي يكتب عنها، يقول الطريقي "لا بد أن يظهر الإعلام السلبيات بأن يشير إلى الخطأ وهو لا يتحمل مسؤولية إصلاحه، ولا يحق للآخر أن يطالبه بالحلول فهذه مسؤولية من يدير العمل ومن يملك الصلاحيات، وطالما هناك رئيس ناد فعليه أن يجد الحلول، وإذا لم يجد فليأت بمن يحلها، لهذا يتم الهجوم على الإعلام فهم يفضلون أن يمتدحهم وإذا ما انتقدهم أصبح سيئاً".

ويتابع "الإدارة تقوم أحياناً بتسريب معلومات مغلوطة إما لتشويه الإعلام أو من أجل أن تشغل الإعلام بالتعاقد مع لاعب وتصرفه إلى آخر، وهي هنا لا تتحلى بالمصداقية وليس الإعلام الذي نقل عنها"..

ويتطرق الطريقي إلى مشكلة انتماء الإعلام إلى الأندية فيقول "هذا أكبر خلل لدى الإعلاميين فلم يعد الإعلام مهنة بل يوظف البعض منهم وسيلته إلى الهجوم على الآخرين وتلفيق التهم عليهم أو على الحكام لإرهابهم لمصلحة ناديهم، ولا بد أن تعي المؤسسات الإعلامية هذه المشكلة حتى لا ينتمي جزء منها إلى ناد معين لأنه بذلك يتم تقليص الوطن فالأندية هي لكل الوطن".