عجزنا عن تلبية دعوات القيادة حين طلبت منا الترفع عن تصنيفات بعضنا من قبيل "متطرف إسلامي، علماني، ليبرالي، منافق".
وللتدليل على عجزنا يمكننا أن نتخيل أن هذه المصطلحات ليست موجودة، كيف سنصنف بعضنا؟ كنا إما سنقبل ببعضنا بدون تصنيفات أو نشتبك بالأيدي حين لا تسعفنا اللغة، كالأطفال.
الحق أننا مدينون لهذه المصطلحات لأنها رحمتنا وأتاحت لنا أن نتبع هوانا ونبرر خصوماتنا ونطيلها ونعمق الفروق بيننا كمواطنين لهم دين واحد.
التصنيف تخدير مريح للعقل، فمن نصنفه بالمنافق لن يكلفنا الرد عليه سوى الآيات والأحاديث والمواعظ التي تتناول المنافقين، ومن نصنفه بالليبرالي العلماني لن يكلفنا سوى استنساخ ما نرد به على الكفار ونلصقه فيه، ومن نصنفه كإسلامي متطرف لن يكلفنا سوى ما رد به "أهل العلم" على جماعة تورا بورا. لكنا عجزنا عن خوض خلافاتنا باعتبارنا كلنا مواطنين مسلمين، عجزنا عجزا حقيقيا، والمضحكة الكبرى كلنا ندعي أننا "وسطيون"!! لا أحد قادر على وصف نفسه كما هو.
لا بد من ملاحظة مراوغة ظالمة في هذه التصنيفات، فإسلامي متطرف متشدد أصولي كلها لا تخرج صاحبها من مواطنته ولا من دينه، بينما ليبرالي علماني تغريبي تخرج صاحبها من الوفاء لوطنه ودينه، بعضهم يكون واضحا أكثر ويضيف لقب "زوار السفارات" وعليه أن يتوقع بالمقابل أن يوصف بأنه من "زوار القنصليات" وبعضهم ينحدر أكثر فيقول "بغال الليبرالية" وعليه أن يتوقع بالمقابل نعته "بحمار الصهيونية" ومن يتهم مواطنه بأنه عميل دوائر الغرب فليتقبل نعته بأنه "عميل الموساد" ما دامت الأمور كلها شتم في شتم.
إننا بحاجة لمصطلحات عادلة لنكون عادلين في خلافاتنا مع بعضنا. كلنا مواطنون مسلمون، العالم والمعلمة والمهندس والمطرب والممثلة والقانوني والإمام والتاجر وحتى لصوص المال العام مواطنون مسلمون.
حين طلب منا الترفع عن التنابز فهذا يعني الترفع عن "الجهل وسوء النية". فهل نترفع؟.
لقد قرفنا من الجهل وسوء النية فهما السبب في عجزنا عن تلبية الطلب.