بالرغم من أن وزارة التعليم العالي تشهد حالة بناء في السنوات الثلاث الماضية من أجل التطور والتقدم ومواكبة العصر وامتلاكها لرأس المال الضخم من لدن القيادة الرشيدة من أجل النهوض بالتعليم العالي.. إلا أنه ما زالت بعض مظاهر الفساد والاستبداد تسيطر على جامعاتنا السعودية، فالأستاذ الجامعي كعضو من أعضاء هيئة التدريس يتصرف بطريقة فوقية وكأنه لا تجوز معارضته أو حتى مناقشته، في محاولة منه لتجميد العقول وشلها عن التفكير! ويقوم بعضهم بتصنيف الطلاب بناء على انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو العشائرية، وتبعا لهذه التصنيفات تكون العلامات والنتائج! وبعضهم يقوم بتوزيع العلامات والدرجات للطلبة أو الطالبات بشكل مزاجي وحسب الأهواء! ولا أبالغ بالقول إن هناك من أعضاء هيئة التدريس من لا يصحح أصلاً! ثم يأتي سيناريو تسجيل المواد واستياءات الطلبة والطالبات التي لا حصر لها، والتي يشيب لها شعر الرأس! ناهيك عن انعدام الرقابة من الأعلى على ما يدور في أروقة الجامعات من مشاكل وعقبات على صعيد الطلبة أو الطالبات! بنية تنظيمية ولكنها ذات طابع شكلي أو سطحي لا تتعدى أن تكون أكثر من حبر على ورق.. كل هذه الظواهر تدق ناقوس الخطر، فأين الحسيب والرقيب؟

إنني أتساءل: ماهي نتيجة كل ذلك؟ هل سيتخرج من جامعاتنا من يعول عليهم بأن يكونوا بناة المستقبل؟ إذن لماذا هذه الضجة الإعلامية والخطابات المكررة والمبالغ بها في لغة البهرجة في وصول جامعة أو جامعتين إلى العالمية في تصنيفها الأخير بعدما كانت قبل ثلاث سنوات فقط تحتل مراكز مخجلة؟ والأدهى والأمر أن بقية الجامعات مازالت إلى الآن قابعة في القاع! ليكون السؤال: ما هي الخطط والاستراتيجيات الصاروخية لهذه الجامعات التي استطاعت أن تصل لهذا التقدم وخصوصاً أنها مازالت في مرحلة البنية التحتية؟ هل طموحها الحقيقي هو الحصول على شهادة الاعتماد الدولي؟ لماذا هذا التداخل غير المنطقي بين الخط الأفقي (إعادة البنية التحتية) وبين الخط العامودي (في الخطابات التكرارية للغة البكش)؟ أين وصل تحقيق عامل الجودة الحقيقي لهذه الجامعات؟ هل العمل الذي تقوم به الإدارة العليا لهذه الجامعات يخضع للشفافية والنزاهة؟ هل هناك من يحاسب هؤلاء سنوياً؟

هناك من يتحدث عن إنجاز ومبادرة هي الأولى من نوعها في بعض الجامعات، وهي إقرار ميثاق لحقوق الطالب، ووجود لجان حماية لحقوق الطلاب تابعة لعمادة شؤون الطلاب، تستقبل شكاوى هؤلاء الطلاب لإرجاع حقوقهم وإنصافهم، إنني أعتقد أن هذا الأمر وحده لا يحل المشكلة، لأنها ما زالت بنية تنظيمية ذات طابعٍ شكلي ولدت من رحم نفس الجامعة، فهي بالنتيجة لا تتعدى كلمة "برستيج" كونها ـ أي الجامعة ـ هي من وضعت نصوص الميثاق بما ينسجم مع مصالحها، أو على الأقل تنشد إليها أكثر من انشدادها لحقوق الطالب، لتكون النتيجة جامعات عددها أربع وعشرون، ننتظر مبادرة كل واحدةٍ منها لإحداث وثيقة حقوقية، فالحق في جامعة الملك سعود مثلاً قد لا يكون حقاً في جامعة طيبة!

إن الحل الحقيقي لمثل هذه المشاكل يكمن في وجود وحدة حقوقية تنبع من وزارة التعليم العالي، تسن نصوص الميثاق، وتشرح مذكرة التفاسير الخاصة بالميثاق لكافة الجامعات، وكذلك وجود جهة مستقلة للتظلم في الجامعات لا يرتبط بإداراتها، كي يتم تجنب التأثير عليه وعلى قراراته من قبل هيئة التدريس ورئيس الجامعة ونوابه، وتكون له صلاحية إلغاء القرارات الإدارية وإيقاع العقوبات التأديبية بحق أي شخص في الجامعة، سواء كان طالباً أو مدرساً أو حتى رئيس الجامعة نفسه.. حقيقةً ما أسوأ وما أصعب أن تكون هناك محاكمة لطالب وخصمه دكتور، فلمن أشكو و"القاضي غريمي"!