قال الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس: إنه يتطلع إلى العمل مع الجمهوريين بعد فوزهم في الانتخابات وسيطرتهم على مجلس النواب. مقرّا بأن الانتخابات تظهر أن الشعب الأميركي يشعر بـ"الإحباط الشديد". مشيرا إلى أنه لا يعتبر أن فوز الجمهوريين في الانتخابات التشريعية النصفية يمثل رفضا عاما لأجندته إلا أنه أقرّ بـ"المسؤولية المباشرة" عن بطء الاقتصاد.

وأضعفت الهزيمة الانتخابية للديموقراطيين الرئيس أوباما الذي سيتعين عليه الاستجابة لقلق الأميركيين بشأن الاقتصاد والتعاطي بمهارة مع الجمهوريين إذا رغب في أن يدخل التاريخ بفوزه بولايتين.

وقد حقق الحزب الجمهوري أول من أمس انتصارا كبيرا على منافسيه الديموقراطيين في الانتخابات النصفية للمجلس التشريعي الأميركي على نحو يتسق مع أغلب التوقعات التي كانت سائدة خلال العد التنازلي نحو لحظة إدلاء الناخبين بأصواتهم.

فقد قلب الجمهوريون الميزان في مجلس النواب حين انتزعوا الأغلبية من الحزب الحاكم بحصولهم على 60 مقعدا جديدا متجاوزين بذلك بقدر طفيف التوقعات التي أشارت إلى احتمال فوزهم بنحو 58 مقعدا. وبهذه النتيجة يصبح للديموقراطيين 196 مقعدا مقابل 239 لمعارضيهم. أما في مجلس الشيوخ فقد حصل الجمهوريون على 6 مقاعد إضافية ليصبح لهم 47 مقعدا مقابل 53 للديموقراطيين.

وتعني النتائج غير المفاجئة لتلك الانتخابات أن إدارة الرئيس أوباما قد أخفقت في إقناع الأميركيين بأنها قادرة على حل المشكلات الداخلية للولايات المتحدة لاسيما على الصعيد الاقتصادي. فطبقا لما قاله زعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد فإن التصويت كان تعبيرا عن غضب الناخب الأميركي من فشل الحزب الديموقراطي وليس عن اقتناعه أو تأييده للحزب الجمهوري.

ويعد التحول الأكبر في الخريطة الانتخابية الأميركية هو تبلور ما يسمى بحزب الشاي وهو مجموعة فضفاضة من النشطاء لا عضوية لها ولا تتخذ أي صورة رسمية أو حدودا قابلة للتعريف الدقيق باستثناء التحلق حول برنامج مصاغ بعبارات تحريضية أكثر منه كبرنامج سياسي واقعي. وعلى الرغم من أن تلك المجموعة لم تقدم مرشحين كثيرين إلا أنها أيقظت القاعدة الجمهورية ولعبت دورا قياديا في حشد المشاعر والقوى للفوز بتلك الانتخابات.

وبانتهاء الانتخابات أصبحت إدارة الرئيس أوباما أقل قدرة على الحركة بعد أن تمتعت لمدة عامين قصيرين بهامش واسع بسيطرتها على البيت الأبيض ومجلسي الكونجرس بأغلبية مريحة للغاية. وفيما قد يرى بعض الديموقراطيين أن هذين العامين قد ضاعا دون تحقيق إنجازات تذكر باستثناء إصلاح برنامج التأمين الصحي فإن أغلب الأميركيين غير مقتنعين بأن هذا الإنجاز يستحق الدفاع عنه بل إن هناك نسبة كبيرة منهم تريد إلغاء ما فعله الرئيس أوباما بهذا الصدد. ومن المتوقع بزيادة النفوذ اليميني في الكونجرس أن تواجه الإدارة ضغوطا أكبر من الموالين لإسرائيل.إلا أن سياسة الإدارة تجاه الشرق الأوسط في المرحلة المقبلة تحولت إلى مادة للنقاش وللخلاف في واشنطن في الآونة الأخيرة. إذ يرى كثيرون أن تقلص هامش الحركة في القضايا الداخلية أمام الإدارة يمكن أن يدفعها إلى توجيه قدر أكبر من طاقتها نحو قضايا السياسية الخارجية لتحقيق إنجاز يذكر قبل انتخابات عام 2012.