ظاهرة الأجزاء في المسلسلات على الفضائيات مملة إلى درجة القهر، ولكن لا حيلة عندما يصبح الأمر ماديا بين طرفين والثالث على المدرجات متفرجاً.

لقد بات من النادر تماماً أن نشهد مسلسلات من دون أجزاء وخصوصاً في شهر رمضان الكريم، حيث سجلت الغالبية أرقاماً غريبة، أقصد استمرت لسنوات طويلة كطاش ما طاش الذي يعده البعض نوعاً من أنواع الأطعمة التي لا تؤكل إلا في رمضان. القصبي والسدحان قدما الكثير من النقد الاجتماعي بالقالب الكوميدي الذي لا يُقبل في الوقت الحاضر نظراً لاختلاف الوقت، ولكل زمانه، والدليل على ذلك أن مسلسل عيال قرية لم يخرج عن عباءة حمود ومحيميد.

إذا كان طاش وصل الجزء 18 وغشمشم وشر النفوس وأم الحالة وهوامير الصحراء وبيني وبينك على نفس الشاكلة، ولو أنهم أقل بكثير، ولكن الفكرة واحدة، فإن الأمر لا يحتمل سوى شيئين: الأول معاناتنا في التفكير الإبداعي لصنع الجديد من أفكار وأشخاص جدد وسيناريو متقن، أما الأمر الآخر أن العملية لا تعدو كونها تجارة، بعيداً عن الجودة، طالما أن غالبية القنوات بلا معايير مهنية في هذا الجانب، ولكن يبدو أن كلا الأمرين قائم للأسف. باب الحارة أصبح الماركة الرمضانية الشامية، ولولا النزاعات الشخصية لاستمر حتى ولو سقط النظام السياسي الحالي، لأن المجتمع الفني فتنة والمطبلون بالجملة، ناهيك عن نزاع طاقم العمل الذي يختلف من بلد إلى آخر، فالقوة تكمن إما في المخرج ليترك هذا ويجلب ذاك ومن ثم يسرد الأحداث وفق معطيات توفر الأشخاص؛ أو أن المخرج نفسه في مهب الريح وتحت رحمة القياديين من الممثلين.

المشاهد كالمستهلك يقلبه التاجر كيفما شاء، لأن الأول صاحب حاجة ويعاني من الفراغ، والثاني يلهث خلف الربح، ولكن كيف للمستهلك أن يقف في وجه المد كالوقفة أمام شركات الألبان التي رضخت للواقع وعادت وهي تجر خيبتها.

مات الشيخ الشعراوي فتوقف برنامجه، ومات الطنطاوي فلم نعد نشهد ضحكاته في برنامج على مائدة الإفطار، ومات بكر الشدي ففقد في المسلسلات التاريخية الإسلامية التي كانت تعرض قبل السحور، ومات حسن دكاك (فران باب الحارة) ليصعب التعويض لو كان المسلسل قائماً. هل أضحى الموت هو نصير الشخص الثالث القاطن على المدرجات متفرجا؟