ارتفعت أمس وتيرة الجدل حول عمل الكاشيرات دون أن تتضح الصورة رسميا بخصوص الفتوى الصادرة بتحريم عمل الكاشيرات ومدى الزاميتها ميدانيا.

من جهته استغرب عضو هيئة كبار العلماء وأحد الموقعين على الفتوى الشيخ عبدالله المطلق من كيفية وصول خطاب الفتوى ونشره في وسائل الإعلام، قبل نشره رسمياً في موقع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

وقال الشيخ المطلق في تصريح إلى "الوطن" إنه تباحث مع زملاء في اللجنة حول سؤال المستفتي خطياً، وتم اعتماد الفتوى قبل رفعها إلى المفتي العام للمملكة بحسب الآلية المتبعة في نظام اللجنة، بينما جدد مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ تأكيد الفتوى قائلاً "لا يجوز للمرأة مخالطة الرجال في مكان عملها"، ولم يدخل خلال تصريحه في تفاصيل تحريم الاختلاط.

وفي هذه الدائرة الجدلية أكدت وزارة العمل لـ "الوطن" أنها لم يردها أيّ شيء يخص فتوى تحريم عمل النساء على وظائف "كاشيرات".. في الوقت ذاته ربطت الشركات المتصلة بقضية التوظيف على هذه المهن موقفها بموقف وزارة العمل الذي لم يتضح حتى الآن. تفاصيل ص15




استغرب عضو في هيئة كبار العلماء وأحد الموقعين على فتوى "تحريم عمل الكاشيرات" الشيخ عبدالله المطلق من كيفية وصول خطاب الفتوى ونشره في وسائل الإعلام، قبل نشره رسمياً في موقع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وقال الشيخ المطلق في تصريح إلى "الوطن" صباح أمس إنه تباحث مع زملاء في اللجنة حول سؤال المستفتي خطياً، وتم اعتماد الفتوى قبل رفعها إلى المفتي العام للمملكة بحسب الآلية المتبعة في نظام اللجنة. وأعرب عن استغرابه من الطريقة التي خرج عبرها نص الفتوى من إضبارات اللجنة إلى وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت قبل نشره في الموقع الرسمي للجنة، بينما جدد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في تصريح خاص إلى "الوطن" أمس تأكيد الفتوى قائلاً "لا يجوز للمرأة مخالطة الرجال في مكان عملها"، ولم يدخل خلال تصريحه في تفاصيل تحريم الاختلاط.

وفي تتبع "الوطن" للقضية بدا الأمر سلسلة من المعطيات الجدلية يرتبط بعضها ببعض.. وفي هذه الدائرة الجدلية أكدت وزارة العمل لـ "الوطن" أنها لم يردها أيّ شيء يخص فتوى تحريم عمل النساء على وظائف "كاشيرات".. في الوقت ذاته ربطت الشركات المتصلة بقضية التوظيف على هذه المهن موقفها بموقف وزارة العمل الذي لم يتضح حتى الآن.. وأخيراً ربطت الموظفات المعنيات بكل هذا الجدل أوضاعهنّ بموقف الشركات التي يعملن فيها..





العمل: لم يصلنا شيء

وعلى الرغم من انتشار الفتوى أكد المتحدث الرسمي في وزارة العمل حطاب العنزي في تصريح إلى "الوطن" أن الوزارة لم تتلقّ حتى الآن أي شيء رسمي بشأن فتوى تحريم عمل الكاشيرات داخل المراكز الغذائية، وقال "لم نتلقّ أي فتوى ووزارة العمل لا تحلل حراماً ولا تحرم حلالاً، ولا تعمل إلا وفقاً للشريعة الإسلامية، والمادة الرابعة من نظام العمل تنص على عمل الذكور والإناث وفقا للشريعة الإسلامية".


الشركات تنتظر "العمل"

وعلى صعيد الشركات تباينت المواقف. وبدوره أكد الرئيس التنفيذي لشركة "توطين" رئيس لجنة مكاتب التوظيف الأهلية في غرفة الرياض صلاح البلالي عدم تأثر طلبات العمل بانتشار الفتوى، وقال لـ "الوطن" أمس "جاءتنا خلال الفترة الماضية طلبات عديدة من قبل نساء للعمل كاشيرات بعد بحث الشركات الغذائية الكبرى عمن يسد مثل هذه الوظائف، لكننا لم نتعامل معها حتى الآن بشكل فعلي". ولم يرجح البلالي أن تقود الفتوى إلى خفض الفرص الوظيفية للنساء في القطاعات الأخرى، موضحاً أن "الكثير من النساء الراغبات في العمل يدركن جيّدا بيئة العمل الجديدة الخاصة بهن".

لكن مدير العلاقات والإعلام في شركة بنده في جدة طارق إسماعيل أكد أن "نحو 20 فتاة عاملة في وظائف الكاشير ما زلن على رأس العمل حتى الآن، وأن الأمور غير واضحة بالنسبة لهذا الأمر". مشيراً إلى أن "إدارة بنده سوف تجتمع الأسبوع المقبل للنظر في المستجدات، وموقف وزارة العمل بخصوص هذه الفتوى".

والمضمون ذاته أكده مدير شؤون الموظفين في مراكز "مرحبا" أحمد فطاني، حيث أكد استمرار المرأة الكاشيرة في العمل بمراكز الشركة، وقال "لم يردنا أي قرار بالمنع من وزارة العمل" لافتاً إلى أن "قرار تعيين المرأة في العمل بمهنة "كاشيرة" قرار صادر عن وزارة العمل وعليه قام قسم التوظيف بمركز "مرحبا" بتعيين 20 خريجة من حاملات الشهادة الجامعية والثانوية العامة" ونفى فطاني "وجود أي اختلاط في عمل الكاشيرات" مؤكداً أن "عمل المرأة في مكان محترم يحفظ لها مكانتها وكرامتها ويسد حاجتها كامرأة معيلة"، وقال إن "قسم الكاشيرات بالمركز لا يوجد فيه أي اختلاط وتم سابقاً تجهيزه عبر حواجز عازلة وخصصت له مسارات لا تستقبل إلا العوائل وتتلقى المرأة الكاشيرة المحاسبة من العوائل فقط".

وبين أن "مركز مرحبا أقدم على هذه الخطوة من باب الشعور بالمسؤولية الاجتماعية تجاه مجتمعه وآثر إجراء بحث عن حالة وحاجة المرأة وخريجات الجامعات وحاملات الثانوية للعمل. وكشف فطاني أن التعيين تم بناءً على حاجة نساء مهجورات ومطلقات وأرامل، لا يسد ما تتقاضاه بعضهن من الضمان متطلباتهنّ الأساسية، "وفتحنا مجالاً للمرأة للعمل الشريف بتعزيز كرامتها" وأضاف "تتقاضى الموظفة ما بين 2500 إلى 3000 ريال، وهذا الراتب جيد كرزق شريف يجعلها تنفق على أولادها دون الشعور بالقهر والحاجة". وأكد "لن يتوقف توظيف السعوديات إلا إذا جاءنا قرار بالتوقف من وزارة العمل"، وذكر أن "قرار تعيين المرأة في مهنة كاشيرة صدر عن وزارة العمل، وقد حصل المركز على قرار السماح بعمل المرأة بخطاب مصدق من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمنطقة مكة المكرمة".

ومن الشركة نفسها ركز نائب مديرها العام على توصيف الآلية التي صيغ بها السؤال الموجه إلى هيئة كبار العلماء، وقال فهد الجاسم لـ "الوطن" إن "صيغة السؤال لم تعكس حقيقة الواقع"، مضيفاً أن "السؤال لم يصف الواقع الفعلي لظروف عمل الفتيات في هذه المهنة التي توفرت فيها كل الاشتراطات الرسمية التي تحافظ على خصوصية المرأة العاملة حسب أنظمة وزارة العمل". وقال إن "السؤال احتوى تلميحات سلبية وغير حقيقية، ومصمم بطريقة ألقت بظلالها على الفتوى وساقها باتجاه التحريم لا الإباحة".

وقال الجاسم من مقر عمله في جدة صباح أمس "الشركة ماضية في مشروع توظيف الفتيات في مراكزها سواء في الكاشيرات أو الأقسام النسائية في الإدارة إلى حين صدور توجيه رسمي من وزارة العمل يقضي بإيقاف عملية توظيف النساء من عدمه".

وعبر الجاسم عن تمنياته على أعضاء لجنة الإفتاء أن "يوجهوا بتشكيل لجنة ميدانية تقف على طبيعة ظروف عمل الفتيات في مواقع عملهن للتحقق من صحة الدعاوى التي شملها السؤال الموجه للجنة حتى يتمكن أعضاء اللجنة من التعرف على كامل حيثيات ظروف عمل المرأة في هذه المهنة، والتزامها بالشروط الشرعية من عدمه".


كارفور تتراجع

وفي الوقت الذي فضلت فيه شركات المضيّ في العمل والتوظيف إلى حين صدور تعليمات وزارة العمل؛ أفصحت شركة "كارفور" عن تجميد توظيف الكاشيرات لديها إلى حين اتضاح الرؤية، وقال مصدر مسؤول في الشركة إن "الشركة تراجعت عن اتجاهها السابق في توظيف النساء للعمل كاشيرات في عدد من فروع الشركة بالمملكة، وقال "نحن تراجعنا عقب صدور فتوى التحريم، ولن نعاكس هذه الفتوى".

وقال المصدر لـ "الوطن" إن "التوظيف تمّ وفق إجراءات نظامية وموافقة وزارة العمل رسمياً، ولدى الشركة أوراق تثبت هذا الحديث وقد تمت معاينة مكان الكاشيرات من قبل وزارة العمل في الفروع التي تم افتتاحها في المنطقة الشرقية والمدينة المنورة وجدة، واتضح أن المكان نظامي ويستوفي الاشتراطات التي وضعتها الوزارة من حيث الخصوصية التامة", مشيراً إلى أن "الشركة وظفت حتى الآن 70 فتاة سعودية، بينهن 9 فتيات في المنطقة الشرقية، وجميعهنّ يخضعن لدورات تدريب حالياً"، وأضاف "كان من المقرر أن يبدأن العمل بعد أسبوعين براتب شهري ثابت لا يقل عن 3064ريالاً". وأكد "وضعنا شروطاً صارمة في التوظيف من بينها الحصول على الثانوية العامة وموافقة خطية من ولي أمرها".


الكاشيرات مستاءات

الحلقة الأضعف في القضية هي حلقة "الكاشيرات" أنفسهنّ. وبدورهنّ كان لهن صوت أردن إيصاله عبر "الوطن". وركزت المشرفة على عمل الكاشيرات بمركز "مرحبا" في جدة لمياء الحمادي على حاجة المرأة إلى العمل بمهنة كاشيرة، واستغربت من السعي إلى "منع عمل المرأة في مهنة كاشيرة في حين تعمل نساء أخريات في مهن مختلطة في المراكز الطبية والمستشفيات"، وأشارت إلى وجود "مندوبات دعاية وإعلان ومسؤولات علاقات عامة"، متسائلة "هل هذه الوظائف غير مختلطة ولا يشوبها التحريم..؟".

وقالت الحمادي "أنا خريجة كلية الآداب قسم إنجليزي ووجدت فرصة العمل في مركز مرحبا وسيلة لقتل الفراغ الذي أعانيه، خاصة أن أسرتي راضية عن عملي".

من ناحيتها تساءلت الكاشيرة "عهود"، وهي جامعية عن عدم منع الرجل من بيع الملابس الداخلية للمرأة، وقالت "ألم يحن الوقت للخجل مما تعانيه المرأة من نظرة الرجل للأماكن الحساسة في جسدها وتعبيره بنظرات غير شرعية للمقاس الداخلي لها..؟"و أضافت "في الوقت ذاته تصدر قرارات لتحجيمها ومنعها من مزاولة عمل شريف يسد حاجتها".

أما الكاشيرة فداء فهي أرملة وتعول 5 أبناء.. تقول "محاولة منع المرأة من العمل بمهنة كاشيرة صفعة مؤلمة لي، خاصة أنني في أشد الحاجة إلى إيجاد دخل يتناسب مع متطلبات أطفالي الأيتام". واستغربت من "المجتمع الذي ينظر إلى المرأة على أنها هشة لا تستطيع الدفاع عن نفسها في حين لا يقدر المتذمرون من دعوى الاختلاط على إصدار قرارات تحمي المرأة المعيلة من ممارسة البيع تحت أشعة الشمس الحارقة"، مضيفة أن "المرأة لم تخرج من منزلها لسبب إلا للعمل الشريف وإعالة أسرتها، في حين يفشل المسؤولون في خلق وظائف تناسب وضعها متغافلين عن أن المرأة إنسان مكلف وذات مسؤولية وإرادة أكثر من الرجل في هذا الزمان".


ناشطات: الكاشيرات محتشمات في المراكز التجارية


جدة، الرياض: سامية العيسى، عبدالعزيز العطر

على مرأى ومسمع الجميع، وفي موقع معزول لا يسبّب احتكاكاً بالرجال، وفي لباس محتشم إلى أقصى مدى.. فاين المشكلة..؟ وما هو الفرق بين المرأة الزبونة في المركز التجاري وبين البائعة في المركز نفسه..؟

هذا ما أثارته ناشطات اجتماعيات ومثقفات من أسئلة وتساؤلات حول قضية عمل "الكاشيرات" في المراكز التجارية، خاصة بمقارنة المهنة المحدّدة ذات الضوابط الواضحة والفاصلة بغيرها من المهن التي تمارسها سعوديات ومقيمات في العديد من القطاعات.

وقالت الأميرة بسمة بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود "إنني أناشد سماحة المفتي العام أن يبحث عن النسب المهاجرة من السعوديات بوضوح وشفافية بعيداً عن تزييف بعض الجهات التي تريد إخفاء الحقيقة.. هناك أعداد كبيرة من السعوديات أصبحن يوصفن بـ "المهاجرات".. وقد هاجرن إلى خارج المملكة ليعملن في مهن ممرضات ومعلمات وخادمات، فهل هجرة السعودية من وطنها وعملها في أماكن مخبئة لا نعرف مصيرها أفضل من أن تعمل في وطنها أمام مجتمعها..؟ وماذا ستصبح عليه بعد العودة إلى أرض الوطن..؟".

وأضافت الأميرة بسمة "في بلادها سوف تكون في حماية مجتمعها وحكومتها، أما في الخارج فسوف تكون عرضة لكل أنواع التحرش". وقالت "نحن نريد أن تحصل المرأة السعودية على فرصتها في وطنها، وتحت أنظار مجتمعها بشكل محترم يلائم بلدنا وهذه رؤيا لابد أن تُبحث". ووضعت الأميرة بسمة ملاحظتها على أمر ذي صلة هو محلات بيع الملابس النسائية "حين تعمل المرأة في هذه المحلات فإن ذلك يعطيها فرصة لتأكيد خصوصيتها والوقت ذاته احترام خصوصيات المجتمع المسلم" .

وتركز عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بالرياض الدكتورة فوزية البكر على دور المرأة في اقتصاديات الأسرة في وقت الراهن، مشيرة إلى اضطلاعها بمساعدة الرجل على تحمل النفقات .


جدل فقهي حول فتوى مهنة الكاشيرة في مصر


القاهرة: فايزة حافظ

أثارت الفتوى التي أصدرتها اللجنة العلمية للبحوث والإفتاء في المملكة بحرمة عمل النساء في مهنة "الكاشيرة"، جدلا كبيرا في الأوساط الفقهية في مصر. وأكد الداعية الإسلامي يوسف البدري، أن هذه الفتوى صحيحة تماما، وقال في تصريحات لـ "الوطن": "إن عمل الرجل فرض في حين أن عمل المراة مباح ولكن مع الحفاظ على عدة شروط، أولها ألا تجلب المرأة الفتنة لنفسها أو لغيرها، ولا تنافس الرجال في أرزاقهم، كذلك لابد ألا يتعارض العمل مع حقوق آخرين في أعناق المرأة مثل الزوج أو الابن أو الأب, وأن تكون محتاجة إلى هذا العمل وليس أمامها بديل. وعمل المرأة كـ"كاشيرة" في رأي البدري, لا تنطبق عليه هذه الشروط، لأن وجهها مكشوف طيلة الوقت ويرد عليها أنواع مختلفة من الرجال مما يعرضها للفتنة ويعرض الرجال الذين يتعاملون معها أيضا للفتنة. ورأى البدري أن الفتوى يجب أن تطبق في مصر وجميع بلاد المسلمين وليس في السعودية فقط. من جهتها, رفضت العميدة السابقة بكلية الدراسات الإنسانية في جامعة الأزهر الدكتورة آمنة نصير هذه الفتوى تماما، قائلة إنه ليس هناك ما يؤيدها في القرآن أو السنة أو إجماع الفقهاء. وأشارت نصير إلى أن الدين الإسلامي لم يحرم العمل ولم يحرم الاختلاط.