من أبرز المشاكل التي تسببت في ثورة المصريين ممارسات الأجهزة الأمنية المصرية. حادثة "خالد سعيد" الذي قضى نحبه في مركز شرطة للتعذيب كانت الشرارة لتأسيس صفحة له في "الفيسبوك" بإشراف واعتناء وائل غنيم. لكن تلك الحقبة المزرية والسيئة من القمع الأمني والتسلط الشرس من رجال الشرطة يجب ألا تنسي المصريين ضرورة البحث عن ثقافتهم المدنية. المشاكل الأمنية في مصر جعلت السلاح ينتشر، والتقارير تتحدث عن ارتفاعٍ في أسعار السلاح في مصر.
لهذا هل من المعقول أن تكون مصر قد انتقلت من جحيم القبضة الأمنية إلى نار الانفلات الأمني في الشوارع؟!
أحد التقارير يتحدث عن ازدياد الراغبين في اقتناء السلاح، والدخول في أندية تدريبٍ على حمل السلاح. المشكلة ليست في الاقتناء بحدث ذاته، فهذا حق مشروع وفق الأطر القانونية والنظامية وبما تفرضه شروط استخراج رخصة السلاح الكثيرة، لكن المشكلة الحقيقية في الدلالة التي يعطينا إياها هذا الخبر. الاشتباكات التي حدثت بين المسيحيين والمسلمين في مصر، إذا عادت مع موجة التسلح هذه فإن التحديث الأمني لن يكون سهلاً. لقد كان الهدف الأساسي الذي حلم به الثوار أن تأتي ثورة 25 يناير بالأمن والسلم الأهليين، وإذا وقع المصريون تحت نيران انتشار السلاح وتحديات الانقسام الاجتماعي فإن الحالة الأمنية لن تكون سارةً للمصريين.
من العجائب أن السلاح اليوم ينتشر في ليبيا واليمن وسورية ومصر، وإذا كانت تلك البلدان على ما هي عليه من اضطرابٍ كبير وانقسامٍ بين الأنظمة والشعوب، فإن المستقبل الأمني لتلك البلدان سيكون أمام اختبارٍ خطير. أحدهم يطالب لجنة الرصاص وضغط الهواء في نادي الصيد في مصر بتسهيل الحصول على السلاح، مستدلاً بأن: "الأشخاص المحترمين لا يعرفون شراء سلاح من السوق أو الحصول على سلاح غير مرخص، بينما يستطيع أي بلطجي الحصول على أي سلاح من أي مكان".
قال أبو عبدالله غفر الله له: إن انتشار التسلح الفردي في أي مجتمعٍ من المجتمعات يدل على شيءٍ واحد؛ أن الأمن مضطرب، وإذا كانت الأجهزة الأمنية مقصرةً في أدائها، أو شريكةً -ربما- في الاضطرابات التي تحدث، أو السرقات التي تجري، فإن الاتجاه نحو السلاح الفردي سيكون الخيار الوحيد، لكنه ليس الخيار الصحيح والطبيعي بالتأكيد.
إن حالة انتشار السلاح في مصر أو غيرها، يجعل البحث في المستقبل الأمني الذي ينتظر تلك الدول رهن الحكومة والأجهزة الأمنية، وأيّ انهيارٍ أمني يحدث إنما يعبر عن انهيار الدولة وهشاشتها!