أوصت اختصاصية اجتماعية الجهات المعنية بإقرار قانون موحد يتضمن إلزام المقبلين على الزواج من الجنسين بحضور دورات متخصصة في التنشئة الاجتماعية وأساليب التربية الحديثة .
وأشارت الاختصاصية الاجتماعية بجامعة طيبة بالمدينة المنورة أمل عياد الجهني في دراسة حول "أساليب التنشئة الاجتماعية وعلاقتها ببعض الاضطرابات النفسجسمية بالمدينة المنورة" التي أجرتها على طلاب وطالبات من كليات المدينة المنورة، وحصلت بموجبها على درجة الماجستير في علم النفس، أنه لا ينبغي أن تترك عملية التنشئة الاجتماعية إلى اجتهادات الوالدين التي ثبت – بحسب نتائج دراستها – أنها تتناقض في كثير من الأحيان مع أبسط قواعد التنشئة الاجتماعية السوية . وأكدت الدراسة التي تمت على 480 طالبا وطالبة من كليات المدينة، أهمية أساليب التنشئة الاجتماعية في تكوين الحياة النفسية للأبناء، وحث الآباء على استخدام الأساليب التي تقوم على تشجيع الأبناء وتصحيح الأخطاء دون اللجوء إلى العنف، كذلك إظهار الحب والحنان تجاه الأبناء، مما يعزز الصحة النفسية والنفسجسمية لديهم بعكس الأساليب غير السوية، والتي أشارت نتائج الدراسة إلى وجود ارتباط إيجابي بينها وبين الاضطرابات النفسجسمية لدى الأبناء.
اضطرابات نفسجسمية
وأظهرت نتائج الدراسة وجود علاقة ارتباطية موجبة بين أساليب التنشئة الاجتماعية غير السوية كما يدركها الأبناء الذكور والإناث، والاضطرابات النفسجسمية لديهم، بمعنى أن الأبناء الذين يتلقون أساليب تنشئة اجتماعية غير سوية من قبل الوالدين كان مستوى الاضطرابات النفسجسمية لديهم مرتفعاً، وأن البنات اللائي يتلقين أساليب تنشئة اجتماعية سوية (من قبل الأب) كان مستوى الاضطرابات النفسجسمية لديهن منخفضاً.
وأشارت إلى أن الصورة النمطية للآباء التي تغذيها الثقافة الراسخة في المجتمع، بحسبانهم رموزا للسيطرة والسلطة، مما يجعل من سلوكهم الميَّال إلى تقبل الأبناء- والذي هو سلوك غير متوقع في ظل صورتهم النمطية السائدة- مصدر مساندة معنوية كبيرة للبنات.
فروق بين الذكور والإناث
كما أشارت إلى فروق دالة إحصائيا بين متوسطات درجات الذكور ومتوسطات درجات الإناث في أساليب التنشئة الاجتماعية السوية "للأم" ، وذلك لصالح الإناث، لكون الأنثى تكون أكثر ميلاً إلى التأثر بآراء الآخرين عند تكوينها لهويتها النفسية، و لهذا فإن الأنثى – بحسب الدراسة - تكون أكثر حرصا على علاقاتها الاجتماعية وخاصة بالوالدين، وتعتمد بشكل رئيس على نجاح أو فشل هذه العلاقات في تكوين مفهومها حول ذاتها والشعور بالطمأنينة. بينما يلاحظ أن الذكور أكثر تركيزا على ذواتهم في هذه المرحلة العمرية، وأكثر ميلاً إلى الاستقلالية، وهذا بدوره يجعلهم أقل تأثرا بأساليب التنشئة التي يستخدمها الوالدان.
وورد في الدراسة أن الابن الذكر يدرك أساليب التنشئة غير السوية (من قبل الأب) ، والتي تتسم بالصرامة وعدم الاستقلالية بطريقة سلبية، ومختلفة عما تدركها الإناث. لأن الثقافة السائدة في المجتمع تشجع على الحماية الزائدة للأنثى ورعايتها، وهو أمر مقبول ومرغوب اجتماعيا، في حين أن الأبناء عادةً ما يدركون أساليب الحماية والرعاية بأنها نوع من التدخل، وتقييد الحرية الزائد من قبل الوالدين، لأن الثقافة السائدة تؤكد على أنه ينبغي للابن الذكر أن يكون مستقلا ومعتمدا على نفسه.
حرية الأبناء
وأوصت الدراسة بوجوب اتساق الوالدين في معاملة الأبناء، وعدم التناقض أو التحيز في المعاملة، حيث إن تلك الأساليب تعد غير سوية، ويمكن عن طريق تجنبها - كما ذكرت – المساعدة في النضج الانفعالي والاجتماعي للأبناء، ونموهم نمواً خالياً من الاضطرابات النفسجسمية، إضافة إلى أهمية منح الأبناء الحرية ليتمكنوا من التعبير عن أنفسهم وأفكارهم وحاجاتهم دون خوف أو تردد، وإشراكهم في القرارات التي تتعلق بحياتهم والمتناسبة مع مستوى نضجهم ونموهم، وتوجيه مجالس الآباء والأمهات في مدارس التعليم العام للقيام بدور أكبر من مجرد الجانب التربوي، بحيث يشمل التوجيه والإرشاد الأسري، خاصة فيما يتعلق بأساليب التنشئة الاجتماعية .
حالات واقعية
استشهدت الباحثة بعدد من الحالات الواقعية التي وقفت عليها لتأثرها بأساليب التنشئة الاجتماعية غيرالسوية، ومنها فتاة تعاني من كثرة نقد الوالدين، وانتقاصهم من قيمتها وتصرفاتها، والإفراط في محاسبتها على أي فعل تقوم به، حيث ارتبط هذا الأسلوب بمعاناة الفتاة من اضطرابات هضمية من ضمنها: الشعور بحرقة الفؤاد وحرقان وحموضة في المريء والمعدة، ويزداد هذا الشعور في حالة مواجهة الوالدين، والاحتكاك المباشر بهما في بعض المواقف، فتاة أخرى تعاني من اضطرابات الشهية للطعام، حيث ترتبط حالتها هذه بأسلوب الإهمال والرفض الذي يستخدمه الوالدان للتعامل معها. أما الحالة الثالثة كانت لفتاة تعاني من الاضطرابات الهضمية وخاصة اضطرابات القولون لكثرة المشادات بينها وبين أمها التي تستخدم أسلوب القسوة والصرامة الزائدة في التعامل معها.