فضيحة تنصت على هواتف وإيميلات مواطنين ومسؤولين من ضحايا إرهاب وجريمة، وإغلاق لصحيفة "أخبار العالم" بعد بلوغها الـ168عاما، وصحفيون أصبحوا في الشارع يبحثون عن عمل، واستقالات لمسؤولين في الشرطة البريطانية ضمن تداعيات الفضيحة.. ومقتل صحفي أثار القضية، وقطع لجولة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في أفريقيا نتيجة ضغوط أجبرته على العودة لاحتواء الأزمة التي طالت الشرطة والصحافة والسياسيين، ثم جلسة استجواب لـ"إمبراطور الإعلام" بمجلس العموم البريطاني تخللتها محاولة اعتداء عليه، وفيها تنصل من المسؤولية عن الفضيحة تاركاً صغار قومه من مدراء شركة "نيوز إنترناشيونال" يتحملون اللوم والهم والمحاسبة.. كل تلك الأحداث وغيرها جعلت روبرت مردوخ - الذي اعتادت فروع إمبراطوريته الإعلامية على نقل أخبار العالم - يتحول إلى خبر رئيس لنشرات الأخبار التلفزيونية والمانشيتات العريضة في الصحف خلال الأيام الماضية.

قضية مردوخ تعيدنا إلى العلاقة الوثيقة بين الإعلام بالسياسة في الغرب، وإلى الفساد الذي قد يتجاوز الشرطة وإمبراطورية مردوخ ليصل إلى مواقع قريبة من مركز القرار في بريطانيا، وإلى أن انتهاك خصوصيات الآخرين من الأخطاء القاتلة التي تقود إلى أزمات إن اكتشفت، وهذا ما حدث مع صحيفة مردوخ. وما زالت أسرار وسائله الإعلامية الأخرى طيّ الكتمان.

نقاط كثيرة تثيرها القضية تحتاج للنظر فيها مثل السماح باحتكار الإعلام والتوسع فيه إلى حدود خيالية، ومسألة الحريات والخصوصيات، إذ لم يعدْ يأمن مواطنٌ ما على أسراره بوجود أشخاص يستطيعون الوصول إليها عبر علاقاتهم مع مسؤولين، لتحقيق سبق صحفي وزيادة في التوزيع ترتكز على عنوان عريض مصنوع بطريقة غير أخلاقية. لكن السلطة الرابعة لدى الفروع المردوخية استحلّت ما لا يجوز، ووصلت إلى عمق "سكوتلاند يارد" ومنها إلى الجميع.

التساؤل الأخير، هل ما شهدناه مجرد مسرحية تنتهي بتورط أكثر من كومبارس، فيما "بطل المسرحية" يخرج من الورطة كالشعرة من العجين.. ليستمر مسيطرا على الإعلام، ويمد جناحيه أكثر؟