الأذان؛ نداء المسلمين للصلاة الواجبة، له تاريخٌ قديم، وله فضلٌ معلوم، وله ضوابطَ محددة. من تاريخه أنه شرع في المدينة المنورة في السنة الأولى من الهجرة النبوية؛ بعد بناء المسجد النبوي الشريف، و(قيل) إنه شرع بمكة المكرمة، و(قيل) شرع في قصة الإسراء والمعرج. ومن فضله قول الله ـ سبحانه وتعالى ـ : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ..} ـ سورة فصلت : 33 ـ وقوله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا...) ـ صحيح البخاري/ 615ـ . و(المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة) ـ صحيح مسلم/ 242ـ و(..لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة) ـ البخاري/206ـ . ومن ضوابطه أن يكون أداء الأذان بصوتٍ جميل وجهوري ـ الجهْوري بسكون الهاء: الصوت العالي ـ.
ضوابط الأذان تكاد لا تراها بوضوح في بلد بأسره، إلا في (تركيا) ـ البلدان الأخرى فيها وفيها ـ . المؤرخون يقولون إن المراجع التي تؤرخ لمسيرة الأذان في تركيا قليلة، غير أن المهتمين يؤكدون على عظيم رعاية وعناية الأتراك السابقين بمسألة الأذان، من خلال (مؤسسة الأذان) التي كان يتم فيها انتقاء الأصوات العذبة الشجية النقية، ومن ثم يقوم أبرز المتخصصين بتلقينهم دروساً وافية في المقامات، ويتم تدريبهم عليها، والأصلح من أصحاب الأصوات هو من يتم بعد ذلك اختياره لشرف التأذين. المؤذن في تركيا يسمى (باش مؤذن) أو (هُنكار مؤذن) ـ كبير المؤذنين ـ ، ولديه مجموعة من المؤذنين؛ (مؤذنانى خاصة). المؤذنون في تركيا ومن أجل الأذان لهم أوقاف خيرية، ورواتب معينة مشروطة بشروط دقيقة منها: "..أن يكون المؤذن مالكاً ودارياً بالمقامات الموسيقية، وماهراً في فروع المقامات، وفن توزيع الأدوار والترانيم.." ومنها "..أن يتمتع المؤذن بالعفة والصلاح الديني، عالماً بفن المقامات، وبصيراً بعلم الميقات، وذا أنفاس قوية، رفيع الصوت..". الأذان في تركيا كان وما زال مركز اهتمام الشعراء والأدباء ـ مر فترة بمرحلة التتريك؛ الأذان باللغة التركية، من عام 1931م إلى عام 1948م ـ . لكل أذان في تركيا مقام؛ وتختلف هذه المقامات من أذان لآخر؛ فمثلاً: مقام (الصبا) لأذان صلاة الفجر، ومقام (راست) ومقام (حجاز) لأذان صلاة الظهر، ومقام (بياتي) ومقام (حجاز) لأذان صلاة العصر، ومقام (حجاز) ومقام (راست) ومقام (سيكا) ومقام (دوكاه) لأذان صلاة المغرب، ومقام (حجاز) ومقام (بياتي) ومقام (راست) ومقام (نوا) لأذان صلاة العشاء.. مع الأخذ في الاعتبار أن للمؤذن حق الأذان بإحدى المقامات التي يعرفها. من عادة الأتراك في الأذان الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم ينشدون قصيدة قبل أذان صلاة الفجر،. ومن عادتهم أيضاً الصلاة والتسليم عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أذان صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة العشاء. وفي بعض المدن التركية يعرف ما يسمى بالأذان المقابل - مؤذنان في وقت واحد بالتناوب، يتبعان تماماً نفس المقام ـ . في تركيا اليوم تنظم دورات خاصة لتدريب واختيار المؤذنين، وهناك مسابقة عامة للمؤذنين؛ يتسابق فيها مجموعة كبيرة جداً من المؤذنين المتميزين بأصواتهم العذبة. حقاً الأذان في تركيا له قصة قديمة، وله تراث عريق من المقامات. وليتكم تشنفون آذانكم بأشهر المؤذنين الأتراك: خوجة بكير باش
http://www.youtube.com/watch?v=RHw_3FLDzA8&feature=related
وخوجة حافظ مراد
http://www.youtube.com/watch?v=XCsDQbXFXPo