قبل عامين لم تكن تملك لينزدي مانسيو (19 عاما) أكثر من 5 دولارات في حقيبتها. اليوم تملك أكثر من 5 ملايين دولار في حسابها البنكي. كانت لينزدي تحلم قبل أشهر قليلة بأن تقتني جهار (آي باد)، بينما اليوم تعيش في حيرة من أمرها هل تبتاع المنزل الذي يرقد بجوار الشاطئ أو الآخر الذي يغفو بمحاذاة النهر؟ لينزدي لم تربح جائزة أو تفوز في مسابقة. كل ما في الأمر أنها استثمرت عبارة سمعتها من ابنة عمها قالت فيها: "صوركِ رائعة. لمَ لا تحترفي تصوير المناسبات؟".

استجابت لينزدي مباشرة لتشجيع ابنة عمها واستدانت من أمها 400 دولار لشراء كاميرا مستعملة احترافية من موقع المزاد الإلكتروني على الإنترنت (أي بي). بدأت مشروعها بتصوير الأفراح مجانا. وكانت فور أن تنتهي من المناسبة تطبع بعض الصور وتهديها إلى الزوجين برفقة الصور الأخرى التي تضعها في (سي دي). حققت صورها المبكرة أصداء إيجابية مما جعل البعض يمنحها مقابلا ماديا للصور رغم عدم اتفاقها المبكر معهم على الحصول على أجر إزاء ذلك. استمرت أكثر من 9 أشهر تصور مجانا حتى تلقت أول عرض للتصوير بمقابل. كان مبلغا زهيدا لا يغطي أجرة سيارة الأجرة التي ستقلها إلى مكان الزواج. أعجب الزوجان الجديدان بصورها وكتبا في الفيس بوك لأصدقائهما: "شكرا لينزدي...أحببنا زواجنا أكثر بسببك". انتشر اسمها تدريجيا وباتت لا تستطيع الموافقة على كل العروض. استعانت بصديقاتها لمساعدتها بمقابل. توسعت في عملها خلال فترة قصيرة. صارت تصور المناسبات بالفيديو أيضا. في البداية كانت تؤجر كاميرا الفيديو. لاحقا اقتنت واحدة. عرضت على أربع من صديقاتها التفرغ للعمل معها للتمكن من تلبية الفرص التي تتاح لها. حققت نجاحا كبيرا جعلها تنضم لقائمة أبرز 30 من رواد الأعمال الشباب في أمريكا.

تعترف لينزدي بأنها "أقل موهبة من صديقاتها". لكنها قطعا أكثر جدية منهن. جديتها جعلتها تستثمر الكاميرا التي يحملها الآلاف في العالم على أكتافهم وتحولها إلى مصدر دخل وثراء. جعلتها توظف صديقاتها التي كانت تشعر بغيرة من مواهبهن في التصوير في مشاريعها. إن الموهبة وحدها غير كافية للنجاح. يجب أن ترافقها جدية ومبادرة. الأنباء السعيدة عمياء لا تعرف طريقها إليك. أنت من يجب أن يبحث عنها حتى تجدها وتعانقها وترتبط بها ومعها.

للأخوين دان وفرانك كيرني قصة مشابهة للينزدي، لكنها ربما أكثر نضجا وانتشارا. فالأخوان دان وفرانك كيرني استطاعا أن يصنعا اسما لامعا في عالم المال والأعمال من لا شيء. استدانا 600 دولار من أمهما أسسا بها مطعما صغيرا متخصصا فور أن تخرجا من جامعة ويتشيتا الأمريكية. كانت أمهما قلقة على مصير الستمئة دولار. بيد أنها تثق في ابتسامة ابنها الأكبر دان وإدارة الأصغر فرانك. افتتحا مطعما أطلقا عليه اسم "بيتزا هت" عام 1958. البداية كانت دون مستوى طموحاتهما. وظفا أحد أصدقائهما الذي يبرع في إعداد البيتزا. كافحوا ثلاثتهم للتسويق للمطعم دون جدوى. صعّب من مهمتهم كون البيتزا لم تكن ذات شعبية ومعروفة في أمريكا، وقتئذ. بعد الكثير من الوجبات المجانية، والكثير من الصبر بدؤوا في تحقيق أرباح عالية. وأدخلا لاحقا صديقهما كشريك ثالث بنسبة أقل. اليوم للمطعم أكثر من 12 ألف فرع في 90 دولة. ودان وفرانك اللذان استدانا يوما ما من أمهما أصبحا أعضاء مجالس إدارات في عدة بنوك أمريكية، وأسسا مشاريع تجارية أخرى.

لم يكن دان أو فرانك يوما طباخين ماهرين، لكن كانا ماهرين في استثمار عِبارة قالها أبوهما على مسامع دان قبل أن يغادر الحياة: "أرى فيك رجل أعمال ناجحا". آمن دان بالعبارة وبقدراته وبالنجاح الذي سيخلفه التحالف مع أخيه فحققا نجاحا مدويا في سن مبكرة.

أغلبنا سمع الكثير من عِبارات الثناء على مبادرات صغيرة قمنا بها. لكن القليل فقط هو من استثمر هذه العِبارات وأخذها على محمل الجد. حولنا الكثير من الأذكياء، لكن القليل من الناجحين. بوسعنا أن نكون من الناجحين إذا حولنا العِبارة الصغيرة التي نسمعها إلى عبّارة لا تهدأ تمخر عباب الأمل وتقودنا إلى أهدفنا.