اعترف رئيس نوكيا للأبحاث هنري تيري بحالة الانغلاق الأوروبية على الثقافة الغربية مما حرمها التوسع لإدخال مفاهيم متعددة تمثل الخليط الفكري الإنساني العالمي. وقال لـ"الوطن": "كان اعتماد الثقافة الغربية لعقود على إنتاجها الثقافي وتصديره إلى العالم فيه الكثير من الغرور وحرمنا من التفاعل مع النتاج الحضاري العالمي المتنوع والذي استمر في التطور والإبداع بعيداً عن الذائقة الأوروبية إلا في حالات فردية واختراقات محدودة".

وأضاف تيري: نوكيا تنبهت مؤخراً إلى أن فرض الثقافة الغربية في برامجها على العالم هو تصرف فيه الكثير من البعد عن الواقعية مما دفعها لفتح منافذ التطوير المحلي للبرامج التي تتناسب مع الثقافة والاحتياجات المحلية والإقليمية لمستخدمي هذه التطبيقات، فتحولنا من التطوير في أوروبا وفرض التطبيقات على العالم إلى إتاحة مجال التطوير محليا لكل شخص في العالم ليقدم برامج وتطبيقات يمكنها أن تقيم وتعرض على كل المستخدمين في العالم وبالتالي إتاحة تقييمها عالميا وإتاحة الاستفادة منها لمختلف المجتمعات.

وبين أن شركة نوكيا تحولت من التطوير الذاتي إلى دعم المطورين في مختلف مناطق العالم بما فيها المطورين في العالم العربي، معتبرا أن هذه الطريقة أتاحت فتح قنوات للتواصل في العالم كله ليصبح في بوتقة واحدة يتبادل المعارف والثقافة واللغات والتجارب وهي العناصر الحاسمة في التواصل بين الثقافات والشعوب، وليكون التبادل للخبرات في تقديم التصاميم على المستوى العالمي، لافتا إلى أن هذا التوجه يمثل تحولا ثقافيا مهما في احترام الثقافة الغربية للثقافات الأخرى والاستفادة من التنوع الرائع في الثقافة الإنسانية بعيدا عن الانغلاق، وتابع :"الناس يحبون ويحترمون ثقافتهم والأشخاص يختلفون في أفكارهم واحتياجاتهم فلا يمكن لجهة واحدة أن تتفهم هذه الاحتياجات كلها، فنحن نعلم الناس كيف يتم عمل التطبيقات من خلال موقعنا ونترك لهم حرية التفكير لإيجاد تطبيقات ترسل لنا ونحن نقدمها مجانا أو بمقابل بسيط لكل مستخدمي نوكيا حول العالم على أن تذهب عوائد بيع هذه التطبيقات للمطور المحلي".

وأوضح تيري أن شركته تعتمد أسلوبا بسيطا في استخدام البرامج وأسلوبا سهلا لتوزيعها كتطبيقات مفيدة للمستخدم، مبينا أن نوكيا تسعى إلى تطوير التطبيقات من خلال دورات تقدم مجانا للمطور المحلي لمساعدتهم في عمل تطبيقات أكثر تطورا وتفاعلا مع احتياجات الجمهور الذي يستخدم لغات محلية وله احتياجات واختلافات لا يفهمها إلا المطور المحلي، بالرغم من أننا في قسم الأبحاث نجمع معلومات متنوعة ولدينا قدرة على استيعاب الاختلافات لكن التطبيقات التي يقدمها المطور المحلي تتفوق لأنها تأتي من استيعاب للشارع المحلي مما يوفر علينا مبالغ كبيرة في تطوير البرامج يتيح لنا الاستثمار في تقوية التقنيات.

وأشار تيري إلى أن نوكيا بدأت في تنظيم مسابقات محلية لاستقطاب التطبيقات مثلا في مصر اسمها (مصراوي) وهناك مناقشات كثيرة حول الاستثمار في تطوير المطورين، وعلى سبيل المثال حول تطبيقات تتوافق مع احتياجات الجمهور المحلي هناك برنامج للتسوق الجماعي في الصين حيث يسجل كل فرد احتياجاته حتى تصل إلى كميات كبيرة يتم توفيرها بأسعار زهيدة لأنها تأتي بسعر الجملة وهي تتم بين أشخاص لا يعرفون بعضهم، موضحا أن فكرة كهذه ما كانت لتخطر في بال أي مطور غربي لكن نوكيا أتاحت للمطور المحلي تنفيذ التطبيقات التي تتناسب مع احتياجاته وهو ما شاهدناه في تطبيقات شهر رمضان والأدعية والأذان والأحاديث النـبوية التي تم تقديمها لتتناسب مع هذه المواسم الدينية المرتبطة بكل مسلم حول العالم.