توفي في جنيف أول من أمس الكاتب السويسري جورج هالداس عن عمر يناهز 93 عاماً بعد أن كرَّس أكثر كتاباته للدفاع عن القضايا الإنسانية في العالم بما فيها القضية الفلسطينية. واعتبرته الأوساط الأدبية السويسرية "أحد ألمع كُتَّاب الأدب التعبيري المُعاصرين في اللغة الفرنسية." وقد نال هالداس "جائزة شيلر"، أرفع الجوائز الأدبية السويسرية، مرتين: في عام 1971 و1977، إضافة إلى خمس جوائز أدبية أخرى.

بدأ هالداس حياته بجنيف في 14 آغسطس 1917 من أب إيطالي ـ يوناني وأم سويسرية، وقد انعكست جذور انتمائه المُتعدد على أغلب أعماله الأدبية. شرح في واحدة مِن كُتبه كيف كان والده يجرَّه مُنذُ طفولته إلى عالم آلهة الإغريق واليونان وإلى خيال ما وراء الطبيعة "الميتافيزيقيا"، في حين كانت والدته تجذبه إلى عالم واقع الحياة اليومية وتؤكد عليه القول لا يُمكنك أن تكسب قوت حياتك إن لم تكن واقعياً.

بعد دراسته الاعتيادية، درس الأدب بجامعة جنيف. في لحظة مِن اللحظات فكَّر أن يكون رجل دين، ثم استهوته كرة القدم. وقبل أن يبلغ سن العشرين كتب كتاباً عن هذه اللعبة دون أن يدري أن ما كتبه سيغيِّر مستقبل حياته. لم يكتب عن اللعبة بذاتها، بل عمن كان يشاركهم اللعب. نقل أحاسيسه ومشاعر اللاعبين الآخرين، بمن فيهم هو نفسه، والحماس والغضب والانفعالات أثناء اللعب. بعد كتابه هذا نصحة مُدرِّس الأدب في المدرسة الثانوية أن يُكرِّس حياته للأدب.

كانَ هالداس، الذي وصف مِن قِبل الأوساط الأدبية السويسرية بصاحب القلم الواضح، حالماً بنشوء عالمٍ فيه كافة الناس سواسية مهما كانَ اختلافهم في اللون، والعنصر، والمولد، والوضع المادي، والموهبة. مواقفه الأدبية هذه دفعته للالتزام بعددٍ مِن القضايا الإنسانية، وكان يشجب بانتظام كل ما هو ضد المُساواة والكرامة الإنسانية.

لم يكن سياسياً ولم يخض معترك السياسة، لكن قضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية خصوصاً شغلته كثيراً. كتبَ عن القضية الفلسطينية قائلاً: "طالما بقي الشعب الفلسطيني دون أرض يُمارس فيها وجوده فلن يكون هناك سلام." وقال أيضاً: "السلام في العالم يمرُّ اليوم مِن الشرق الأوسط، ومِن هذه المنطقة ينبغي العمل."