طرح التوسع في السماح بتنقل السعوديين في دول الخليج بالهوية الوطنية مخاوف وقلق عدد من الأندية الرياضية، وعلى الأخص أندية المنطقة الشرقية.

وجاءت المخاوف على وجه التحديد خشية استغلال اللاعبين للهوية، وهي مخاوف دفعت مسؤولين رياضيين للمطالبة بمعاملة لاعبي كرة القدم المحترفين معاملة العسكريين بحيث تمنع مغادرتهم للمملكة خلال الموسم الكروي دون حصولهم على تصريح رسمي من أنديتهم.




جدد توسع السماح بالتنقل بين دول الخليج بالهوية الوطنية دائرة القلق التي تعانيها أندية المنطقة الشرقية حيال إحكام السيطرة على لاعبيها المحترفين، خصوصاً أن القرب الجغرافي لهذه المنطقة مع بعض دول الجوار الخليجي تتيح للاعب أن يغادر المملكة عقب انتهاء حصته أو مباراته مع فريقه ويعود قبل بدء الحصة التالية، خصوصاً حينما يعقب المباريات يوم للراحة كما جرت العادة لدى أغلب الأندية.

وكانت أندية المنطقة الشرقية وحتى قريب تحكم قبضتها في الرقابة على اللاعبين باحتجاز جوازات سفرهم في خزائنها، لكنها فقدت هذه القدرة الآن مع السماح بالتنقل بالهوبة الوطنية لأكثر دول الخليج، مع ما يتيحه هذا التنقل للاعبين من فرصة للعبث والسهر، وما يكلفهم من إرهاق وعجز عن استثمار فترة الراحة السلبية في التعافي للعودة بشكل أفضل في المباريات التي تتوالى مرة كل أربعة أو خمسة أيام تقريباً.

وعانت أندية الشرقية من خروج لاعبيها إلى دول الجوار والسهر حتى ساعات الصباح الباكر، وهو الأمر الذي أدى إلى تذبذب مستوى اللاعبين وعدم مواظبتهم على التمارين، وانعكس بالتالي تماماً على نتائج هذه الفرق، كما أثر على مستقبل اللاعبين أنفسهم الذين يبذرون ما يحصلون عليه من احترافهم على ملهيات وقتية حتى يصبحوا مهددين بتكرار قصة بعض من سبقهم إلى الاعتزال فلم يجد ما يقيم به حاجته واضطر للسؤال ولطلب المساعدة من هذا وذاك.

ورأى عدد من مسؤولي الأندية ضرورة أن يكون هناك تعاون بين الأندية والرئاسة العامة لرعاية الشباب وإدارة الجوازات لوضع حل لهذه الإشكالية، فذهب البعض إلى حد معاملة لاعبي الأندية خصوصاً المحترفين معاملة العسكريين الذين لا يحق لهم المغادرة خارج البلد ما لم يكن لديهم إجازة خارجية ولمدة محددة على أن يتم تغيير مهنة اللاعب إلى مسمى جديد وهو "لاعب محترف" في بطاقة إثبات الهوية.

أما اللاعبون فرأوا أنه "زمن الحريات" وأن المسألة ذاتية وأن الشخص هو من يستطيع ضبط تصرفاته، وأنه يستطيع فعل ما يشاء داخل بلده أو خارجه، مؤكدين أن التنقل بالهوية الوطنية بين دول الخليج ليس المشكلة، وإنما تكمن المشكلة في وعي اللاعب ذاته.

الياقوت: دوام وتعاون

ويرى رئيس نادي القادسية السابق جاسم الياقوت أن مسؤولية ضبط اللاعبين تقع على عاتق الجميع، وإن شدد على مسؤولية الشخص ذاته في الدرجــة الأولى.

ويقــــول الياقــوت "اللاعب المحترف يجب أن يعرف أن اللعبة هي مستقبله، وأن عمره في الملاعب قصير، وأن النادي يمكن أن يستغني عنه في أي لحظة عند انخفاض مستواه، ولذلك عليه أن يحرص على تطوير ذاته، وبالتالي تأمين مستقبله، والوصول إلى مستوى النجوم العالميين في الدوريات الأوروبية الذين تحيط بهم المغريات والملهيات من كل اتجاه لكنهم حريصون على مستقبلهم".

وعن الحل للمخاوف والقلق الذي يفرضه السماح الجديد بالتنقل، قال "الدور الأكبر يقع على اللاعب المطالب بتقدير المسؤولية، كما أن على الأندية أن تعمل على توعية اللاعبين".

وأبان الياقوت أنه خلال ترؤسه للقادسية قدم مقترحاً أن يكون هناك دوام صباحي للاعبين ليتعودوا على النهوض من النوم مبكراً، دون أن يعني الدوام الصباحي بالضرورة تمارين يجريها اللاعبون، بل كان المقترح الذي رفع للاتحاد السعودي في ذلك الوقت يشمل أن يكون الدوام الصباحي عبارة عن برامج في التغذية والتحكيم والتعامل مع الآخرين، إضافة إلى التمارين الصباحية ومراجعة المباريات ومناقشة الأخطاء مع المدربين وغيرها كثير، على أن يصدر البرنامج متكاملاً كل أسبوع حتى يتعرف اللاعبون على ما لهم وما عليهم خلال أسبوع كامل".

وأشار الياقوت إلى ضرورة التعاون بين الأندية وإدارة الجوازات بعد موافقة الاتحاد السعودي والرئاسة العامة لرعاية الشباب للحصول على تقرير شهري عن اللاعبين الذين يغادرون البلد ويضيعون أنفسهم في سهرات وملاه وغيرها ومن ثم تطبق العقوبة اللازمة بحقهم.

وتساءل الياقوت لماذا لا يطبق نظام العسكريين على اللاعب المحترف فهو لا يستطيع أن يخرج إلا عندما يكون في إجازة خارجية، وأتوقع أن الأمر سهل، فلو غيرت البطاقات الشخصية للاعبين، وذكر فيها أن المهنة "لاعب محترف" فإن السيطرة على الأمر لن تكون معقدة، بحيث يعمم على إدارة الجوزات منع أي لاعب محترف من الخروج ما لم يكن لديه إجازة خارجية أو تصريح من النادي.

المقبل: المسؤولية ذاتية

أما عضو شرف القادسية عادل المقبل فأكد أن السيطرة على تنقل اللاعبين صعب جداً، وأن الحل يكمن في توعيتهم بالخطر الذي يحدق بهم جراء السهر المتواصل الذي سينعكس على أدائهم في الملعب ويقود الأندية في النهاية إلى الاستغناء عنهم، مما يجعلهم عرضة للبطالة.وعن اقتراحاته لحل هذه الإشكالية، قال "لو افترضنا أن هناك عدداً من اللاعبين ستنفع معهم دورات التوعية التي تقام في الأندية عن الاحتراف وما يمثله من مصدر رزق لهم، فهناك من لا ينفع معه ذلك، ولا بد بالتالي من التعامل بالنظام واللوائح للحد من سلوكياته، وذلك من خلال فرض التمارين الصباحية وتطبيق النظام عند غياب اللاعب عنها بالحسم من مرتبه".

الغامدي: الحل والتدخل

من جانبه أكد مدير نادي الاتفاق حسين الغامدي أن الأندية لا تستطيع أن تفرض على اللاعبين تسليم بطاقاتهم الشخصية لأن ذلك مخالف للنظام، وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تراقب كل لاعب بعد خروجه من النادي، ولذلك يجب أن يقوم كل ناد بوضع تصور خاص عن هذه الإشكالية، وترفع جميعها للرئيس العام لرعاية الشباب مطالبة بوضع حلول جذرية للمشكلة التي ستعصف باللاعبين، خصوصا أن اللاعب السيئ الذي اعتاد السهر في الملاهي سيجر معه كل يوم شخصاً أو شخصين وهو الأمر الذي سيتحول مع الأيام إلى ظاهرة".

وطالب الغامدي لجنة الاحتراف بالتعاون مع الأندية لتكثيف الدورات التوعوية لتعريف هؤلاء الشباب أن مستقبلهم مرهون بتطوير مستوياتهم.

كما طلب الغامدي من اللاعبين احترام هذه المهنة التي تعد الأفضل في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن دخل بعض اللاعبين من صفقة واحدة هو أضعاف ما يتقاضاه بعض الموظفين في القطاعين الحكومي أو الخاص على مدى 40 سنة.

خالد المرزوق: قلق

من جانبه أشار المدرب الوطني في نادي الخليج خالد المرزوق إلى أن هذه المشكلة مقلقة للأندية، ولا يستطيع النادي حلها بمفرده، ولا بد من تكاتف كافة الأندية إضافة إلى رعاية الشباب وبعض الجهات الحكومية صاحبة الشأن لوضع قانون ثابت يطبق على كافة اللاعبين المحترفين الذين يخرجون للسهر وينزلقون في ممارسات خاطئة قد تنهي مستقبلهم، وأضاف "من الممكن التعاون بين رعاية الشباب وإدارة الجوازات لمنع خروج أي لاعب محترف إلا بتصريح من النادي خصوصاً خلال الموسم الرياضي، أما وقت الإجازات فاللاعب حر في الخروج لأي بلد يريد.

وشدد المرزوق على أن توعية اللاعبين أمر ضروري وإطلاعهم على أنظمة الاحتراف التي تمنع الخروج إلا بعلم النادي مهم جداً.

العفالق: مصلحة

من جانبه خالف رئيس نادي الفتح المهندس عبدالعزيز العفالق الجميع، وأكد أن التنقل بالهوية الوطنية فيه مصلحة لكافة الخليجيين، خصوصاً أهالي المنطقة الشرقية الذين أصبحوا يتنقلون بين دول الجوار وكأنهم في بلدهم، أما ما يخص اللاعبين المحترفين فأشار إلى أنه يجب أن يكون لديهم رقابة ذاتية على أنفسهم، وأن يعرف اللاعب أن اللعبة مصدر رزقه، وأن ممارساته ستنعكس في النهاية على مستواه داخل أرضية الملعب، وبذلك إما أن يستمر في الملاعب أو يغادرها بشكل سريع.

وأضاف "اللاعب الذي يبحث عن السهر والوناسة ليس له مكان في أي ناد، خصوصا أن اللاعب النجم الذي لم يكن أحد يحاسبه في فترات سابقة بات غير معترف به حالياً، فكل اللاعبين سواسية، والنظام يطبق على الجميع، ومن لا يحافظ على نفسه ينخفض مستواه سريعاً، ولايستمر في الملاعب".

الشهري: الوعي هو الميزان

أما قائد فريق القادسية علي الشهري فيؤكد أن اللاعب ليس معصوماً من الخطأ، لكن فرض قوانين عليه يحد من حركته ليس أمراً مفيداً، وقال "اللاعبون في أوروبا تحيط بهم المغريات من كل مكان، ورغم ذلك يقدمون كرة أجمل مما عندنا، ويهتمون بأنفسهم، ونحن في زمن الحريات، والمسألة ذاتية، والشخص هو من يضبط تصرفاته، ويستطيع أن يفعل ما يريد داخل بلده أو خارجه، والمشكلة إذا ليست في التنقل بالهوية الوطنية، إنما في وعي اللاعب ذاته".

وختم "مسألة التخوف ليست ظاهرة، وحالات التسرب للعبث والسهر تبقى حالات فردية يجب ألا تعمم على جميع اللاعبين.

السرحاني: الحل في المواجهة

بدوره أكد لاعب القادسية المعتزل صالح السرحاني أن أمر استغلال اللاعبين للحرية ليس ظاهرة، بل يقتصر على حالات محددة ومعروفة في الأندية، لكنه رأى أن المشكلة في أن هذه الحالات قد تجر معها لاعبين آخرين في المستقبل، وطالب بزيادة التوعية حيال الأمر، مشيراً إلى أن مواجهة الواقع هي الأفضل، بحيث يُحضر للاعبين في المعسكر بعض اللاعبين الذين تأثروا من هذا الأمر ليرووا قصتهم لزملائهم، ويبينوا لهم مدى الخطورة التي تهدد اللاعب في المستقبل حال أهمل نفسه وانجرف خلف نزواته وشهواته.

ورفض السرحاني ربط الموضوع بالتنقل بالهوية الوطنية، وقال "اللاعب الذي يراقب الله يستطيع أن يسيطر على نفسه في أي مكان في العالم، والعكس عندما يكون بعيداً عن الله فإنه يعمل ما يريد حتى لو كان في أسرته".


قصص وروايات بطلها السهر والعبث في الملاهي الليلية

يروي بعض مسؤولي الأندية بعض قصص اللاعبين المأساوية، والمصير الذي انتهوا إليه حالياً بسبب عدم محافظتهم على أنفسهم وانجرافهم إلى مسلسل السهر والترفيه العابث والذي انتهى بهم إلى الجمعيات الخيرية وعنابر السجون بسبب الأزمات المالية والديون المتراكمة التي يعيشونها مع أسرهم.

• لاعب دولي ترك عمله الحكومي مع بداية عالم الاحتراف، حيث كان يتقاضى 3 آلاف ريال، ودخل عالم الاحتراف براتب شهري يزيد عن 12 ألف ريال، وهو ما غير مجرى حياته حيث كان يسهر يومياً في إحدى الدول المجاورة، وبعد قرابة الموسمين انتهى زمنه، وخرج من الملاعب، وبات عاطلاً دون عمل، ومتنقلاً بين السجون والجمعيات الخيرية، وهو يعمل حالياً سكيورتي في إحدى الشركات.

• لاعب دولي انتقل إلى ناد جماهيري كبير، وتحولت حياته بشكل كبير بسبب كثرة السهر مما جعل ناديه يستغني عنه، وكانت الصدمة أن كافة الأندية حتى أندية الدرجة الأولى والثانية رفضت مفاوضته بعد تراجع مستواه، وخوفاً من أن تفسد أخلاقياته بقية لاعبيها.

• لاعب دولي مثل ناديا شرقيا وآخر من الأندية الجماهيرية، يعمل الآن موظفاً في مكتب عقار، ويسكن مع والده في شقته المستأجرة رغم أنه كسب أكثر من مليون ريال من صفقة انتقاله.

• لاعب كان من أفضل لاعبي الوسط في ناديه وهو ما أوصله إلى صفوف المنتخب السعودي وجعل الأندية الكبيرة تتنافس عليه ولكن خلال فترة بسيطة بدأ ينخفض مستواه حتى أصبح يبحث عن أندية الدرجه الأولى والثانية من أجل أن يؤمن لقمة عيشه فقط.

• مدرب وطني كبير حقق مع ناديه عدداً من الإنجازات يؤكد أنه يشاهد بعض اللاعبين يترددون على الجمعيات الخيرية في الوقت الحالي بعد أن كان يتنبأ لهم بمستقبل كبير، ويرى أن السهر وعدم التفكير في المستقبل جعلهم يعودون إلى نقطة الصفر.

• لاعب كان هدافاً لفريقه الشرقي ومثل المنتخب السعودي الأول في إحدى بطولات الخليج انتهى لعدم محافظته على نفسه وأصبح يعمل الآن سائقا ينقل الطالبات في إحدى المدارس الحكومية بمرتب لا يزيد عن 2000 ريال.

 





مقترحات الأندية للحد من انتشار الظاهرة

• التعامل مع اللاعبين كما هو التعامل مع العسكريين وعدم السماح لهم بغادرة المملكة إلا بتصريح من النادي.

• إقامة ورش توعوية إجبارية لكافة اللاعبين المحترفين.

• التعاون بين النادي وإدارة الجوازات بحيث يتم إرسال برنت بأسماء اللاعبين الذين غادروا خارج المملكة نهاية كل شهر، وتطبيق أنظمة الاحتراف على المخالفين منهم.

• إجبار اللاعبين على التمارين الصباحية وهو ما سيجعلهم مجبرين على عدم السهر.

• إقامة ورش عمل بين الأندية ورعاية الشباب والجوازات والمؤسسة العامة لجسر الملك فهد لوضع خطة موحدة لمحاولة الحد من انتشار الظاهرة..

 


آراء اللاعبين

• يرون عدم تعميم مسألة السفر للعبث على الجميع.

• يعتقدون أن حالات سهر اللاعبين وعبثهم تبقى مسائل فردية.

• ينصحون بالمواجهه وبزيادة التوعية بين اللاعبين.

يستشهدون بلاعبي الأندية الأوروبية التي تحيط بهم الملهيات دون أن ينزلقوا إليها

يؤكدون أن مراقبة الله والخوف منه هي الفصل في هذه القضية.