الخشية من تعاظم الفجوة بن المسلمين أنفسهم، عوضاً عن اتساعها بينهم وبين غيرهم، تدفع الكثيرين إلى التحذير من الدعاة الدينيين الذين تحولوا إلى "نجوم" حسب تقرير نشرته العربية على موقعها http://www.alarabiya.net/articles/2010/04/19/106318.html وصفت فيه المفارقة بين داعية يلوح بكلمات دينية، وشبان وشابات في مراكز التسوق يرتدون الجينزات ويلوحون له بسندوتشات الهامبرجر.

من الواضح أن بعض الدعاة يتمثلون بأجدادهم القصاصين الذي كانوا يتخذون زاوية في أحد المساجد لينثروا على أسماع الناس الحكايات ذات الطابع الديني، والتي لا تخلو من آية قرآنية هنا وحديث نبوي هناك، ومن هذه الزوايا تسرب الكثير من الأحاديث الموضوعة والضعيفة. لكن اليوم يصعد الدعاة منابر عالية، ويطلون علينا من القنوات الفضائية، شبانا بربطات عنق حمراء وبذلات جوخ إنجليزية، وبنطال جينز وقميص من دون أكمام أحياناً، مما دفع الكثيرين إلى الاشتباه بأن الدعوة تحولت من مهمة يسعى صاحبها إلى رضا الله، إلى عمل يدر الملايين، كما زعمت مجلة "فوربز العربية" حيث ذكرت أن صافي دخل عمرو خالد في عام 2007 بلغ 2.5 مليون دولار، وأن الداعية الكويتي طارق سويدان جاء في المرتبة الثانية بدخل صافٍ بلغ مليون دولار، ثم الداعية السعودي عائض القرني مؤلف كتاب "لا تحزن" بدخل وصل إلى 533 ألف دولار. ونبه الباحث الاجتماعي التونسي محسن المزليني في موقع "دوتشيه فيله" الألماني من انعكاسات تعاظم المكانة الاجتماعية للدعاة التلفزيونيين الذين صاروا "نجوما" بعد أن جمعوا بين رأسمال رمزي يوفّره الاشتغال في الحقل الدّيني، وثروات مالية يدرّها عليهم عملهم في "المقاولات الدينية" واعتبر أن تحول الداعية إلى نجم يقدّسه "مريدوه" ويتخذونه "مرجعا" دينيا "يمتلك الحقيقة" دون سواه، قد يفتح الباب على مصراعيه أمام رفض اختلاف الآراء والتأويلات الدينية ليصل الأمر إلى التكفير والرغبة في تصفية الخصوم، في حين ذكر كاتب آخر يدعى محمد الغيلاني أن الدعاة يستخدمون القرآن والسيرة النبوية والموعظة استخداما "براجماتيا" لاستقطاب ونيل إعجاب أكبر عدد من المشاهدين وفرض المنافسة في سوق الإعلام والإشهار، موضحاً أن خطاب دعاة القنوات الدينية، يشتغل على "اللاوعي الديني" والموروث العقائدي "المقدس" للمتلقّي ويتميز بطابع انفعالي ونفس تعبوي وشحن عاطفي متواصل، كما يعتمد الخطابة وفنونها أسلوبا للإقناع ولاستجلاب إعجاب المشاهد الذي يدخل في حالة تخدير ويتوقف عقله عن "التفكير أو التحليل أو المساءلة".