حين قرأت خبرين في جريدة عكاظ عن الهيئة قبل يومين، الأول عن ابتزاز عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينة المنورة لمعلمة برسائل على جوالها، وقد قامت برفع شكوى ضده، والثاني عن عزم فتاة سجينة رفع شكوى ضد الهيئة بجدة، لأنهم تسببوا في سجنها نتيجة اتهامها بالخلوة غير الشرعية مع ابن خالها حين كانت معه في السيارة ليوصلها لأجل شراء حاجيات لها بعلم عائلتيهما، إلا أنه تم القبض عليهما وسجنهما، وسبحان الله! عجيب أمرنا، فآلاف الآلاف من السعوديات يركبن السيارة مع سائقين آسيويين وغير آسيويين، والله وحده يعلم من أي خلفيات جاؤوا إلينا ليعملوا سائقين لدينا نتيجة منع قيادة السيارة، ولا يتم اعتبار ذلك خلوة غير شرعية في حين تركب المرأة مع أحد أقربائها فيُعتبر ذلك خلوة غير شرعية!! ويتم القبض عليهما!! معقول هذا!؟! هل أنتم متأكدون أننا في القرن الـ 21 "يا جماعة الخير "؟!
وحين قرأت القصتين في يوم واحد، تذكرتُ قصصا وحوادث سابقة مأساوية تسبب فيها بعض منسوبي الهيئة، أهمها قصة "مطعون العيون" في حائل. ثم تذكرتُ قصة الشاب الأردني نبيل حسان "حليق الموت" الذي توفي جراء مطاردته في أحد رفيدة بسبب طول شعره، وحين قبضت عليه بحسب ما نشر بجريدة الوطن منذ أكثر من شهرين، تم حلق شعره وخروجه مضروبا ومصابا بنزيف في المخ أودى بحياته! ولجأت أسرة الشاب الأردني إلى هيئة حقوق الإنسان كي لا يضيع حق ابنها الذي مات، بعد أن بدأت الهيئة الدفاع عن أعضائها بتبريرات لا نعلم حتى الآن صحتها من عدمها، وأتساءل وأعتب على الصحافة ما الجديد في هذه القضية؟! هل ثبت تورط أعضاء الهيئة في مقتل الشاب أم لا؟! وإلى ماذا انتهى التحقيق؟! ناهيك عن الكثير من القصص التي نشرتها الصحافة السعودية لضحايا أخطاء بعض منسوبي الهيئة ممن يسيئون استخدام السلطة، ما جعل العلاقة تزداد توترا بين كثير من المواطنين والهيئة الموقرة، آخرها صفع امرأة لعضو هيئة كما أتذكر في الطائف! والمشكلة أنه حين تثبت التهمة والخطأ يتم الحديث عن أن من قاموا بالخطأ ليسوا من منسوبي الهيئة، أو القول إن عضو الهيئة ممن سيُطوى قيدهم كما صرحت الهيئة عن الذي ابتز المعلمة في المدينة برسائل على جوالها!!
ما أود قوله هنا؛ هو أنه يجب إدراك أنهم موظفو دولة، ما داموا يأخذون رواتبهم من وزارة المالية كحال بقية الموظفين الحكوميين من معلمين وأطباء وقضاة، وواجبهم خدمة المواطنين والمقيمين لا تعريضهم للخطر ولا سمعتهم للهدر!! فمن يصب يُكافأ ومن يُخطئ يُعاقب، بل يجب أن تطبق الهيئة الرقابة على أعضائها أولا قبل الناس؟! فالعدل العدل، وليسوا أكثر علوا من فاطمة بنت محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ حين قال "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" والله المستعان!