وإذا ما شاءت الصحيفة أن تحاسبني على الفكرة المكررة لصلب هذا المقال فلها كامل الحق. هي نفس الصحف التي لا تخلو يوماً واحداً من القصص المؤلمة للأمهات المطلقات مع أبنائهن من الوحش الكاسر السابق. وبالأمس حقنت عبرتي وأنا أقرأ قصة العجوز الطاعنة في السن وهي تكتشف ابنتها بعد خمسين عاماً على الفراق وبعد عبور عشرات المدن للبحث عن الفقيدة. وأفظع من هذا أن الزوج القديم غير اسم ابنته وأكثر فظاعة وتوحشاً أنه نسبها إلى – أم ثانية – هي الزوجة الجديدة. وفي الأسبوع الماضي وحده فجعت بقصتين: زوج سابق يذهب بأطفاله إلى قريته ويمر من أمام منزل أهل الزوجة المطلقة ويقضي المساءات في المنزل المقابل بينما الأم – تتلصص – على الشبابيك لتنعم بنظرة لم تشاهدها منذ سبع سنين، وانتهى الحلم كالسراب، ولكم أن تعلموا أن أكبر الأطفال اليوم في سن العاشرة. في الثانية زوج سابق يترك ابنتيه مع الزوجة الجديدة في صالة زواج، وفي الطرف الآخر من الصالة أم يمنعها – حرس الوحشية – من تقبيل الحب الأزلي أو الاقتراب منه، وحين تعود النساء إلى البيوت من الزواج تبدأ رواية المأساة عن – بكاء البنات – على طاولة الفرح الكاذب، وهن يتلصصن خلف الستار نظرة إلى أم في الطرف الآخر تحت ذات السقف. والكارثة أن هذه الوحوش تذهب مثلكم للمساجد وتستمع لآيات الله ومواعظ نبي الرحمة عليه أفضل الصلاة والسلام. أختم على النقيض: في أستراليا، خط هاتفي ساخن، وفرقة إنقاذ بقرار فيدرالي، لإنقاذ أي حيوان من – الكنجارو– يصل عنه بلاغ أنه شوهد شارداً أو في حالة خطرة. في بريطانيا يحظر القانون صيد الثعالب وللقانون – شرطة غابة – مستقلة. في أميركا، يسحب القانون الطفل إذا ما شوهد مضروباً في مكان عام أو بلغ جار عن مأساته. هنا... هنا... هنا من سيحاسب الذين سكتوا عن تزوير نسب طفلة إلى أم مختلفة رغم تحريم الشرع. من سيحاسب ضابط الشرطة الذي حرم أطفاله رؤية أمهم لعقد من الزمن رغم المتناقضات: إنه ربما نفس الضابط الذي سينفذ ربما نفس الحكم برؤية أم لأطفالها من زوج سابق.