قصر القامة من المشكلات التي تؤرق بعض الشباب، يدفع ذلك بعضهم للبحث عن حلول لإطالة قامته، ويلجأون في ذلك إلى أساليب غريبة يستقونها من الأصدقاء، منها أن يعلق أحدهم قطعة معدنية على مستوى مرتفع من الأرض، ويحاول التعلق بها فترات طويلة، اعتقادا منه أنها سوف تمدد له العظام، ويصبح طويل القامة. بينما يتعلق بعضهم الآخر بالأبواب، وشد جسمه، على أمل أن يتحقق له ذلك، ويتبع بعض الفتيات هذه الممارسات ممن يرين أن قصر القامة ينتقص من جمالهن ورشاقتهن.

وحذر الأخصائيون من سلبيات هذه الممارسات لما ينتج عنها من أضرار جسدية ونفسية على الشباب، مؤكدين أن النمو العظمي الطبيعي يتوقف بسن معينة من عمر الإنسان.

يقول طالب الحربي"معاناتي أنني قصير، ويبدو أنني ورثت ذلك القصر لابنتي الصغيرة التي تحولت حياتها إلى عذاب، رغم أنها لم تصل بعد إلى سن الـ 10 أعوام، فهي تتعلق بمروحة السقف، وتتعلق بالأبواب بحثا عن طول ولو بسيط.

وأضاف أن حلم ابنته هو تطويل نفسها ولو سنتيمترات بسيطة، لأن زميلاتها بالمدرسة يلقبنها بـ"القصيرة"، وقد أثر ذلك على نفسيتها فبدأت ترفض الذهاب مع والدتها إلى الأفراح والأماكن العامة، وبالتدريج بدأت بتقبل الوضع، رغم أن عمرها صغير، غير أنها لا تمل من ترديد: كيف أطول مثل صديقتي بالمدرسة.

أم تركي تقول إن زوجها قصير القامة، غير أنه رجل بمعني الكلمة وحنون مع الجميع، وخاصة والدته، لكن قصره يسبب له بعض المواقف، مشيرة إلى أنها مع الوقت تعودت على تقبل ذلك الوضع، وأضافت أن المجتمع من عاداته دائما الانتقاد الدائم، ولو أن زوجها كان طويلا لتعرض لنفس الكلام.

الشاب محمد الأحمري والذي لم يستطيع الالتحاق بالسلك العسكري لعدم تخطية الطول المناسب. يقول "لو عرفت أن الطول سوف يحرمني من تحقيق أمنيتي بالعمل العسكري، لبحثت عن طرق لتطويل قامتي، سواء بمزاولة التمارين الرياضية، أو البحث عن ذلك طبيا".

رياض شاب يدرس بالمرحلة الثانوية، ويمارس الرياضة للبحث عن طول ولو بسيط ، يقول إنه طلب من مدربه تدريبه على كيفية تفكيك العضلات وإطالتها، مستغلا نمو العظام حسب ما يسمع من أصدقائه، وأضاف أنه لا يجد حرجا من قصر قامته، مؤكدا تواجد الكثير من زملاء المدرسة والحي بجواره، لتمتعه بشخصية مرحة، تعتاد على إطلاق النكات والتعليقات الباسمة على الجميع.

ويرى محمد الصاعدي أن القصر ليس بعيب، وأضاف "صحيح أنا قصير لكني ذكي"، مشيرا إلى أن زملاءه في العمل يطلقون عليه "درب"، وأن هذا الوصف لم يؤثر على نفسيته، بل أصبح يفخر به، موضحا أنه يحضر المناسبات الاجتماعية والعائلية دون خجل من أحد، مضيفا أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه، وأن والده كان قصيرا هو الآخر، ولم يشعر بأي تأثير للقصر عليه.

وعقبت زوجة محمد قائلة "عندما تقدم لخطبتي قبل 12 عاما، تخوفت من قصر قامته، لكن بعد أن تعرفت على معدنه الحقيقتي وجدت أنه يحافظ على الصلاة في المسجد، وأنه لا يدخن، وافقت عليه، واليوم مر على زواجنا 12 عاما كلها سعادة واحترام وتقدير، ولدينا أبناء"، مشيرة إلى أن القصر يأتي بالعقل وليس بالأجساد.

إلى ذلك حذر استشاري جراحة العظام وعظام الأطفال بمستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة الدكتور موسي محمد الهوساوي من خطورة تعلق الأطفال والشباب بالأبواب ومراوح السقف للبحث عن الطول، والتي سوف تنعكس عليهم سلبا، مؤكدا أهمية أن يكون هناك تناسق بين طول الذراعين والساقين مع منطقة البطن والصدر.

وأضاف أن هذه الطرق ليس منها فوائد للبحث عن الطول، والتي عادة ما تطول معها الأيدي فقط، وتتحول المسألة بذلك إلى معاناة نفسية، مبينا أن سن 16 عاما للذكور، ونزول الدورة الشهرية للأنثى هي نهاية البلوغ العظمي لهما.

وأوضح الدكتور الهوساوي أن شرب الحليب ليس له علاقة بالطول، بل لتقويه العظام فقط، وأن الطول والقصر وراثيان بين البشر، مشيرا إلى العمليات الجراحية لزيادة الطول لمن يعانون من القصر تتم باشتراطات معينة، ولها نتائج محددة، وتتم لحل مشكلة معينة، على أن تحقق التناسق مع الجسد.