شيء مزعجٌ سخيفٌ وعنصرية بغيضة تلك الجملة الأخيرة التي قالها عضو شرف في نادي الشباب اسمه "محمد العمران" في سياق تصريحه الأخير لإحدى الصحف الإلكترونية خلال دفاعه عن رئيس ناديه ضد اللاعب السابق سعيد العويران.

لا يعنيني هنا السجال الذي دار بين العويران والبلطان على صفحات ومواقع الصحف وفي الفضائيات ولا دخول العمران على الخط بينهما.

كل نقاشاتهم وقضاياهم وتراشقاتهم لا تعنيني ولا أظنها تعني القراء في شيء، لكن ما يعنيني هنا ككاتب مهتم بالشأن الاجتماعي والثقافي والرياضي، وكلها متداخلة ومتلازمة في بعضها، حتى إن مسمى الأندية الرياضية عندنا يجمع بين هذه المجالات الثلاث وإن غيب بعض مسيريها المسألتين الثقافية والاجتماعية بل وأسقطوهما تماماً!! أقول إن ما يعنيني هو آخر ثلاث عشرة كلمة قالها العمران في تصريحه الأسود بحق كل القيم الإنسانية والدينية، وبحق شرف الرياضة وفروسيتها البهية عندما قال: "......، وأنا عتبي الوحيد على أبي الوليد ــ (يقصد رئيس الشباب) ــ بأنه سافر لإجازته السنوية ولم يسلمني العصا"!! وهو إسقاط تهكمي واضح على (لون) سعيد العويران وإشارة لبيت المتنبي "لا تشتري العبد إلا والعصا معه" ....إلخ البيت الشعري الشهير!!.

إنها سقطة كبيرة وجريمة لفظية بشعة ترقى إلى مرتبة العنف الكلامي ليست بحق اللاعب المعتزل فقط، ولكن بحق كل اللاعبين والرياضيين والمواطنين السود.. وما كان يجب على الصحيفة الإلكترونية أن تمرر هذه الكلمات الأخيرة فيكفيها وعشاق الإثارة والفتنة ردح الأقدام والأرجل بين تلك الأطراف!.

إن أول عنصري في الوجود هو إبليس لعنه الله، عندما قال" أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" كما أخبرنا القرآن الكريم! وهي من آثار الجاهلية الأولى كما تبين لنا من قصة أبي ذر الغفاري مع بلال الحبشي عندما قال الأول للأخير يا ابن السوداء فرد عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام "إنك امرؤٌ فيك جاهلية"! إنها الجاهلية الأولى التي قضى عليها الإسلام وحذر من التفاخر بها والتعامل على أساسها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".. (سورة الحجرات:13)

لم يبال الإسلام يوماً باختلاف الألوان، بل طبق المساواة في كل اتجاهات الحياة، وها هو بلال بن رباح كان حبشياً أسود اللون، لكنه كما أخبر رواة التاريخ، كان يتقدم على كثير من الصحابة، حتى على خالد بن الوليد.

يقول أحد الفقهاء المعاصرين "سيدنا عمر يقول كلمته الشهيرة: "أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا" يقصد.. أعتق سيدنا، أعتق بلال، عمر بن الخطاب يقول عن بلال سيدنا، ونحن إلى الآن نقول: "سيدنا بلال رضي الله عنه". فهذا هو الإسلام.. والإسلام لا ينظر إلى اختلاف الأجناس والألوان، وكان العرب عندهم في الجاهلية هذه النظرة، ولكن الإسلام جاء وأدبهم من جديد!

وفي المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يأتي هذا النص "يمثل التمييز بين البشر بسبب العرق أو اللون أو الأصل الاثني إهانة للكرامة الإنسانية، ويجب أن يدان باعتباره إنكارا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكا لحقوق الإنسان وللحريات الأساسية المعلنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

وفي المادة الثانية فقرة رقم 1 "يحظر على أية دولة أو مؤسسة أو جماعة أو أي (فرد) إجراء أي تمييز كان، في ميدان حقوق الإنسان والحريات الأساسية، في معاملة الأشخاص أو جماعات الأشخاص أو المؤسسات بسبب العرق أو اللون ...إلخ"..

وهناك فقرة أخرى تقول: "يعتبر جريمة ضد المجتمع، ويعاقب عليه بمقتضى القانون، كل تحريض علي العنف وكل عمل من أعمال العنف يأتيه أي من الأفراد أو المنظمات ضد أي عرق أو أي جماعة من لون ...إلخ"!

ما أقدم عليه عضو شرف الشباب عنف لفظي لا يقره الدين بل يحاربه كما تناهضه كل القيم الإنسانية وهو شيء يسيء إلى رياضتنا وأسسها النبيلة التي تقوم عليها كما يعطي فكرة مشوهة للنشء الجديد المتعلق بالرياضة وكرة القدم!! فمن يتدخل ويطهر أجواءنا من هذه الشوائب العنصرية القذرة؟!!