"التغيير"، المفردة التي سحرت العالم، وأصبحت مطلب كل الشعوب الحية، وشعاراً انتخابيا لدى أقوى ساسة الأرض!
هنا في المملكة أخذت وكالة وزارة الثقافة على عاتقها إنجاز مهمة "التغيير" عبر الأندية الأدبية والثقافية، فكان ما كان من ذلك الإعصار الذي عصف بمجالس إدارات الأندية، وشهدنا مجالس جديدة معينة ورؤساء جددا، بعد سنوات وعقود من الثبات بلا "تغيير"، وشهدنا مؤخرا خطوة أخرى مهمة، في ثقافة "التغيير" وهي انتخاب مجالس الأندية، ودخول المرأة بقوة في تلك المجالس، على الرغم من أن العملية لم تكتمل بعد في كامل الأندية، إلا أنها قائمة على قدم وساق.
هل أثمر التغيير؟ سؤال يطرح اليوم بعد أكثر من أربع سنوات على بدء تلك الثقافة الجديدة، البعض يرى أن المرحلة السابقة كانت أفضل، وله أسبابه، والبعض الآخر يعتقد العكس، وله أسبابه أيضاً، إلا أن من ينتقدون المرحلة التي سبقت الانتخابات؛ يتمسكون بأن الإدارة الناجحة للفعل الثقافي؛ تحتاج إلى أشخاص يتميزون بالقبول لدى شرائح الطيف الثقافي، فضلا عن علاقاتهم المتينة مع الوسط الثقافي في الداخل والخارج، إضافة إلى التمرس في العمل داخل الأندية، وهو ما ينتفي – بحسبهم- عن كثير من مجالس الأندية المعينة، مما انعكس سلبا على أدائها، فكانت تمضي أشهر طوال على بعض الأندية دون إقامة فعالية واحدة، بعكس ما كانت عليه في زمن سابق، وشهدت أندية أخرى عزوفا من المثقفين، وإقصاءً لبعضهم عنها، وأخرى راجت فيها الاستقالات، وأندية تبنت المؤامرات التي لا تليق بالمثقف، وأخرى سجلت اجتماعاتها تلاسنات وصلت حد التراشق بقوارير الماء والعصير! فهل هذا ما كانت تؤمله الوزارة من التغيير؟ لا أعتقد!
اللافت أن أندية تميزت في مرحلة "التغيير" (الرياض، حائل مثالا)، وفي المقابل تقاعست أندية، بعد أن ملأت الدنيا ضجيجا بأنشطتها(جدة، أبها مثالا)، وبقيت أندية تراوح بين التميز والتقاعس، وظهرت لنا أندية "خديجة"، هم أعضائها الأكبر هو "الفشخرة" بانتسابهم لتلك الأندية المغمورة، ومهر مشاركاتهم عبر الصحف بتوقيع "عضو مجلس إدارة النادي الأدبي بـ...."!
ومع تحفظ البعض على إشراف المجالس الحالية على عملية الانتخابات الجديدة، إلا أنهم متفائلون بالمرحلة، والمضحك أن تفاؤلهم له أسباب تشائمية آنية! فهم يقولون إنه لا يوجد أسوأ من القائم الآن، وبالتالي فإن المقبل سيكون أفضل بلا شك! ولا أدري كيف يكون أفضلَ وبعض المجالس الجديدة لم يعرف كثير من أعضائها بإدارة الفعل الثقافي، ومع ذلك فـ"لن نتحدث عن الهزيمة قبل خوض المعركة" كما قال نابليون!
هل ستسهم الانتخابات الحالية في النهوض بالفعل الثقافي؟ هذا ما ستكشفه الدورة الجديدة.. المتفائلون ينطلقون من نمطية تشاؤمية، والمتشائمون يرون أن الأندية ستصيبها جائحة، وأن من سيدخلون مجالسها لا يعرفون من الثقافة إلا اسمها، وأن بعضهم إلى وقت قريب كان يرى أن الأدب رجس من عمل الشيطان، وآخرون يعتقدون أن مجلس الإدارة تشريف لا تكليف!