يتشوق الروائي أحمد الدويحي إلى الحلول في مسقط رأسه بالباحة التي غادرها صوب الرياض طفلا قبل ما ينيف على أربعين عاما. شوق الدويحي ليس وحيدا، إذ ينازعه هذا التشوق ثلة من المبدعين والنقاد والأكاديميين الذين تمثل الباحة انتماء لهم يتقدمهم مدير عام إدارة الأندية الأدبية بوزارة الثقافة والإعلام عبدالله الأفندي، وهناك الدكتور معجب الزهراني والدكتور صالح زياد والدكتور معجب العدواني وعلي الشدوي والدكتور جمعان الغامدي والدكتور محمد ربيع الغامدي الذين يحطون اليوم في ربوع الباحة إلى جانب عدد آخر من الكتاب والمبدعين من مختلف مناطق المملكة وضيوف من أقطار عربية لإحياء (ملتقى الرواية) في دورته الرابعة، بعد انطلاقته الأولى عام 2007 في عهد رئيس نادي الباحة السابق أحمد المساعد، حين مثلت فكرة الملتقى استجابة ملحة لعلو صوت الرواية وتصدرها المشهد الإبداعي والفكري في السعودية والتي بلغت الذروة مع انتصاف العشرية الأولى للقرن الواحد والعشرين.

واعتبر البعض التفات أدبي الباحة للرواية وتخصيص ملتقى سنوي لهذا الفن التفاتة ذكية، بعد أن ظلت بقية الأندية الأدبية تحتفي بالرواية من خلال محاضرات وندوات عابرة، وإن كان أدبي جدة قد خصص دورة من دورات ملتقاه السنوي (ملتقى النص) للرواية العام الماضي. إلا أن تكريس الملتقى بصورة سنوية ميز أدبي الباحة في اعتنائها بالرواية.

هذا الاعتناء الذي بدأ بالمنتج المحلي سعوديا (الرواية وتحولات الحياة في المملكة العربية السعودية)، (الرواية السعودية مقاربات في الشكل) ، ثم التفاته للرواية عربيا على نحو ما يعززه ملتقى هذا العام الذي ينطلق مساء اليوم تحت عنوان: (تمثيلات الآخر في الرواية العربية) بقاعة الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود بالإدارة العامة للتربية والتعليم.

وبعيدا عن الحفل الخطابي المعتاد في مثل هذه الملتقيات والذي يتضمن كلمات لراعي حفل الأفتتاح أمير منطقة الباحة الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز ووزارة الثقافة والإعلام ورئيس أدبي الباحة حسن الزهراني، يتجه تطلع المبدعين والباحثين إلى ما بعد الحفل الخطابي، حيث الكلاسيكية في تطارح أوراق البحوث والرؤى والأفكار حول موضوع لم يستقر حتى الآن، ومازال مثار جدل وأخذ ورد ألا وهو (الآخر)، ذلك المصطلح الذي يضاف إلى قائمة من المصطلحات التي علا نجمها وكثر طرحها والجدال حولها في العقد الأخير وبشكل صارخ إن محليا أو عربيا، وصل إلى حد الضجيج والعودة إلى نقطة المربع الأول بحسب عديد المراقبين، إذ لم يحسم كتعريف اصطلاحي البتة، ويتوقع بالتأكيد أن يظل مثار جدل واختلاف في ملتقى الباحة بدءا من اليوم.

وهو الجدل الذي يعتبره مراقبون تقليديا وسائدا في مثل هذه الملتقيات التي تتخذ صبغة وصيغة متشابهة، ما يفتح تساؤلات كثيرة عن مدى إمكانية تغيير شكل هذه الملتقيات خاصة المعنية بالإبداع لتتحول إلى ورش ومختبرات إبداعية على غرار الورشة الناجحة التي تنفذها منذ سنتين في لبنان الروائية نجوى بركات.

وهو حلم سبق لعدد من ضيوف الملتقيات السابقة أن طرحوه حالمين على الأقل بأن يصاحب الملتقى بعض ورش العمل، تخفف من تململ الحضور، خاصة المبدعين الذين غالبا ما ينصرفون عن قراءات الباحثين لأوراقهم، وربما بعضهم لايرى في مثل هذه الملتقيات من جدوى سوى الالتقاء بأصدقائه من الكتاب والمبدعين، ولا يلقي كثير بال للأوراق الملقاة وتنظيرات الأكاديميين طبقا لتعبير أحد الروائيين.