المتابع لإنجازات رجال الهيئة في الآونة الأخيرة والمتتبع لما يقومون به من أعمال تهدف إلى نشر الفضيلة في المجتمع، يلاحظ أن أكثر هذه الإنجازات تتركز في محاربة الابتزاز، وإنقاذ الفتيات من مكائد الرجال، فلا تكاد تخلو مطبوعة يومية من ذكر بيان أو خبر للهيئة بشأن القبض على أحد المبتزين وتلقينه درسا أخلاقيا واجتماعيا لا يمكن أن ينساه وينتهي به المطاف إلى الجلد أو السجن أو كليهما معا. وبالرغم من أن حدث الابتزاز لا يتم إلا بوجود طرفين هما (الرجل والمرأة) إلا أننا لا نكاد نقرأ في أخبار الهيئة التي تخص الابتزاز شيئا عن هذه المرأة أو الفتاة (بطلة هذه الواقعة أو تلك) سوى أنها قامت بالاتصال على الهيئة وقالت (هذا الرجل يبتزني). وهنا ينتهي دورها ويبدأ دور رجال الحسبة في القبض عليه والتشهير به ومحاسبته. والغريب أن بعض هذه الأخبار تذكر أن الرجل قام بابتزاز هذه الفتاة بعد أن أقامت معه علاقة محرمة أو غير مشروعة أو صورت نفسها معه ، لكنها ولأمر لا نعلمه أصابها الملل من هذا الرجل فقررت التخلص منه، بأقصر الطرق وأكثرها أمانا، وهو أن تبلغ عنه رجال الهيئة لتحصل عن طريقهم على كل أشيائها الخاصة التي في حوزته ثم يزج به إلى الجحيم بكمين مكرر( ممجوج ) يتمثل في استجابة الفتاة للمبتز ومواعدته في مكان ما ليجد أسود الحسبة في انتظاره، وإن كنت أعتقد أن المبتزين قد عرفوا تفاصيل هذا الكمين جيدا، وطريقة تنفيذه لدرجة أنهم لا يمكن أن يقعوا فيه،، لكننا نتوقف لنسأل: إذا كان هذا عقابه هو فأين عقابها هي؟ فنفاجأ بأنها ليست موجودة في ساحة الحساب والعقاب من الأصل ويتحمل المبتز كامل المسؤولية وحده.

إن قيام الهيئة (بالطبطبة) على كل فتاة تم ابتزازها، والانتصار لها رغم فداحة ذنبها، دون سؤالها ومحاسبتها لمجرد أنها سبقت في الاتصال بالهيئة وطلب العون أولا وللستر عليها ثانيا، هذا الأمر أغرى الكثيرات بدخول هذه التجربة والمغامرة بعد ضمان خط الرجعة، الذي يتمثل في اعتبار المرأة كائنا ناقص الأهلية وغير مسؤول مسؤولية كاملة عن تصرفاته. ولو حوسبت المرأة كما يحاسب ويسأل الرجل لتقلصت قضايا الابتزاز، التي يبدأ فيها الرجل الغبي (المبتز) بكمين لطيف تنصبه له الفتاة وتنتهي بكمين مميت تنصبه له الهيئة، بمساعدة تلك الفتاة كذلك.