أيد عدد من الوزراء والخبراء الدوليين المشاركين في أعمال المؤتمر الدولي لطب الحشود والتجمعات البشرية، الذي يختتم أعماله اليوم في مدينة جدة، بحضور 500 مشارك و30 متحدثاً من كافة دول العالم، دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء تخصص جديد يعنى بطب الحشود والتجمعات البشرية في الجامعات السعودية، وينطلق من أرض الإنسانية.
ونوه عدد من الوزراء والخبراء بالمضامين التي جاءت في كلمة خادم الحرمين الشريفين والتي تجسد دور المملكة على المستوى العربي والإقليمي والدولي، مشيرين إلى أن المملكة تعد في مقدمة دول العالم تجربة وتميزاً في إدارة التجمعات البشرية، لأن الحج يعد واحدا من أكبر التجمعات في العالم، حيث يفوق عدد الحشود التي تقف في يوم وزمان واحد أكثر من 3 ملايين حاج، كما أن موسم العمرة في هذا العام ولأول مرة في تاريخ المملكة وصل إلى 4 ملايين معتمر.
من جانبه، أكد وزير الحج الدكتور عبد السلام الفارسي أمس أن المملكة تعد واحدة من أهم الدول التي تعمل على إدارة التجمعات البشرية بكل كفاءة واقتدار من خلال استقبالها على مدار العام للزوار والمعتمرين وضيوف الرحمن، مبينا أن هذه التجربة تعد من التجارب النموذجية والمتفردة التي قل أن تدار في دول أخرى.
وشدد الفارسي في تصريح صحفي على هامش المؤتمر على أهمية ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين من إيجاد مفهوم جديد وتخصص يعنى بطب الحشود والتجمعات البشرية ينطلق من أرض الإنسانية ومهبط الوحي، موضحا أن هذا التخصص من شأنه أن يعد كوادر وطنية متخصصة ذات منهجية وآلية تعمل على إدارة هذه التجمعات من خلال الدراسة والبحث والتدريب.
تجنب الأخطار
وفي ذات السياق، قال وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة إن كلمة خادم الحرمين الشريفين أكدت على محاور هامة أبرزها أن هذا المؤتمر يعنى بالدين والعلم والإنسان والمجتمع، وأن المملكة تشرفت بخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن وأنها تعمل على تجنب الأخطار التي قد تصاحب هذه التجمعات الدينية العظيمة (الحج والعمرة).
ولفت وزير الصحة إلى أن المملكة وهي تعقد هذا المؤتمر فإنما تعمل بذلك على أن يشاركها نخبة من الخبراء والعلماء من مختلف دول العالم من أجل مشاهدة واحدة من الصور في التجمعات والحشود البشرية وما تضعه من خطط ودراسات وإمكانيات في إدارة هذا التجمع الذي يأتي في وقت وزمان محدود.
ريادة عالمية
ونوهت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية الدكتورة مارجريت تشان بأهمية الأخذ بما جاء في كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز من مضامين، تعكس دوراً ريادياً عالميا في إعطاء الأبعاد المهمة لهذا المؤتمر الذي تستضيفه المملكة لإدراكها بأهمية إدارة الحشود والتجمعات البشرية والأخذ بالمنهجية العلمية التي سيكون لها أثر أكبر على تجربة المملكة في إدارة هذه الحشود بما تملكه من تجارب في إدارة هذه التجمعات خلال مواسم االحج.
التخصص لحماية المجتمع
كما أيد وزير الصحة بسلطنة عمان أحمد السعيدي فكرة إنشاء تخصص طبي في الجامعات والهيئات العلمية يعنى بالحشود البشرية نظراً لما يشهده العالم كل يوم من مناسبات ومؤتمرات وفعاليات تتطلب هذا النوع من التخصص من أجل حماية المجتمع من أي أضرار قد تلحق به.
ووصفت ممثلة وزارة الصحة الأمريكية لوري نيكول الدور الذي تقوم به المملكة في هذا المؤتمر بأنه مهم وحيوي، وأن مؤتمر طب الحشود والتجمعات البشرية والذي يجمع كبار العلماء إنما هو من أجل المحافظة على أمن العالم بالدرجة الأولى.
وشددت على أن المملكة التي خاضت عددا من التجارب في موسم الحج لسنوات طويلة، واستفادت من هذه التجربة لتكون دولة رائدة في عملية التنظيم والإدارة والتفوق خاصة وأنه تفد إليها جنسيات مختلفة من 160 دولة.
تجربة جنوب أفريقيا
وكانت الجلسات التي عقدت أمس في المؤتمر ناقشت عددا من التجارب التي مرت بها الدول في الظروف المشابهة مثل جنوب أفريقيا خلال تنظيمها كأس العالم الماضي، وكان عنوان الجلسة التي أدارها كل من الدكتور عبدالعزيز السقا والدكتور مساعد السلمان "تجربة جنوب أفريقيا مع الحشود البشرية في كأس العالم 2010 "، وتحدثت فيها الدكتورة ستيلا دنينقوا والدكتور بومزايل كيداما والدكتور جيري دوفواك من وزارة الصحة بجنوب أفريقيا.
وأوضحوا أن وزارة الصحة نجحت في الحصول على 1.3 مليون جرعة من اللقاح المضاد لفيروس أنفلونزا (اتش1.ان1) إضافة إلى 3.5 ملايين جرعة أخرى من منظمة الصحة العالمية وصلت إلى بلادهم قبل موعد انطلاق البطولة كإجراء وقائي واحترازي إلى جانب التعاون والمناقشات التي تجريها حكومة جنوب أفريقا مع منظمة الصحة العالمية بشأن كيفية الحد من خطر انتشار الأنفلونزا خلال البطولة.
التجمعات ليست سيئة بكل الحالات
وذكر الدكتور علي خان من مركز الأمراض المعدية بالولايات المتحدة الأمريكية أن التجمعات البشرية ليست سيئة بالضرورة في كل الحالات، واستشهد على ذلك بموسم الحج إذا توفرت التوعية الصحية والتثقيف الصحي لهذه الحشود، إضافة إلى الطبيعة الجغرافية الصحية للمنطقة المحتضنة لهذا التجمع وسلامتها بيئيا وصحيا.
وطالب بضرورة التعاون الدولي بين المجتمعات في التوعية عبر المنافذ البرية والجوية والبحرية وأن تعنى وزارات الصحة في الدول بالتوعية الصحية وخاصة في مواسم العطلات وعدم التراخي في موضوع الصحة العامة وتطوير التقنية للتعرف على الأمراض المعدية وخاصة الحديثة منها، وخاصة أن أغلب المصابين بالكثير من الأمراض لا يمكن معرفة إصابتهم بمرض معين ولا عدد الأشخاص الذين نقل العدوى لهم، وهنا يأتي دور أجهزة الصحة في الدول لتطوير أدائها وتحديث إمكاناتها للتغلب على هذا الأمر.
السل يكثر في المجتمعات المزدحمة
وتحدث خلال الجلسات من وكالة الصحة والحماية بلندن الدكتور إبراهيم أبوبكر عن مرض السل وانتشاره بين الحشود البشرية. وبين أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن 34% من سكان العالم مصابون بالسل، وهو يكثر في المجتمعات المزدحمة والمتخلفة من العالم. وأضاف أن نسبة الإصابة بالمرض وانتشاره تتفاوت من دولة لأخرى.