لا أجد فئة أكثر خطراً على الناس أكثرَ من فئة المحبطين والجالبين لـ"الهم" و "الغم", أو أنني سأعتبرهم جالبي الطاقة السلبية في محيطهم أياً كان, سواءً كان العائلي أو العملي.. وفي كلتا الحالتين هذا الإحباط سيتحول إلى ظاهرة اجتماعية يحرض عليها ويساعد على نشرها المحبطون في الأرض.

الدنيا ليست سواداً.. أو أن كل شيء قد قضي أمره. ما زال في الوقت متسع لكل شيء، للعاطل أن يصبح موظفاً, وللمريض أن يجد سريراً أينما شاء.. هناك فرصة للطالب أن يكون أكثر إبداعاً وشريكاً في صناعة التنمية.. مازال الأمل أن نحتفل يومياً بسعودة آخر وظيفة وتوطينها، ويكون الراتب مجزيا، يكفي دفع فاتورة الهاتف وسداد رسوم الجوازات والمرور، وشراء اللبن والأرز وكل ما ارتفع سعره وكان له من عند الله بديل.

هناك أمل.. في تطبيق النظام، ونشر مفاهيم العدالة والحقوق، وتوعية الفرد أياً كان عمره بحق في العمل والرزق والتعليم والصحة. هناك ألف حق كفله النظام الأساسي للحكم للمواطن.. وهي حقوق مشروعة يستطيع كل شخص نيلها حين يسعى لها.

البعض يحاول تصوير الدنيا على أنها لون أسود, أو بقعة سوداء داكنة.. بعضهم يرتدي نظارة شمسية في منتصف الليل.. يريد أن يرى السواد أكثر سواداً. وهنا يجب أن يتم حصر هؤلاء ومحاولة زرع الإيجابية فيهم، أو الطلب منهم على الأقل أن يصمتوا عن السلبية التي جلبوها من الفضاء.. ويتداول الفرد سلوكاً حتى يصبح المجتمع ينضح بالسلبية القاتلة لكل جميل.

المحبطون في الأرض أحبطوا غيرهم كثيراً، ومادام أن الإنسان قد سلَّم أمره لليأس..فهو أقرب إليه من غيره.. وإن لم يستطع العمل على الحصول على مبتغاه، يصبح كئيباً لوّاماً.. يحاول وضع اللوم حتى على ملابسه الداخلية.

هم فئة، مثل تلك التي تتمنى الموت بسبب الفشل.. الموت في ظنهم الحل الأوحد للخلاص من فكرة الطموح والتحدي ومواكبة التحديات اليومية للمعيشة.

هناك فئات تموت إحباطاً، وهناك إيجابيون ينجزون في الوقت ذاته. المساحة تتسع للجميع, والوقت فيه متسع.. لكن البعض فضل الجلوس في الصفوف الخلفية.. وحمل المايكروفونات وممارسة الزعيق.. فئة أخرى في المقدمة، كانت تمارس الزعيق حتى رأت أنه من الواجب العمل.. الخلاصة أنها تجاوزت كل شيء, حتى وصلت إلى قيادة قطيع الزاعقين بأمر أنفسهم.