أكد رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل أن السعودية تجاوزت تحديات هجمات 11 سبتمبر بتطوير نظام التعليم وفتح الحوار بين الأديان، مشيرا إلى أن "التغيير يأخذ وقتاً". وقال الأمير تركي في خطابه أمام مؤتمر مجلس العلاقات الأميركية – العربية الذي اختتم أعماله في واشنطن أول من أمس، إن المملكة اقترحت على واشنطن تشكيل تحالف دولي يضم روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية ومصر وباكستان لمواجهة تدهور الموقف في أفغانستان إلا أن واشنطن لم تنصت وواصلت تعميق العداء لسياستها وأعمالها في صفوف الأفغان". وانتقد سياسات الولايات المتحدة في التعامل مع القضية الفلسطينية "من خلال عدم ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل". وابتدر كلمته داعيا للتخلي عن "الانتقادات الهادفة للإضرار بالعلاقات السعودية الأميركية"، ومن ثم التركيز على بناء شراكة حقيقية في عدد من القضايا.
وقال الأمير تركي "يجب أن يتم دعم فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفي الوقت الذي تدعم المملكة الصلح بين الفصائل الفلسطينية نجد تهاوناً من الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل لإيقاف هدم المنازل وحتى اقتلاع أشجار الزيتون". وأضاف "نحن نتفق حول أمور إلا أننا نختلف حول الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيقها. من ذلك قضية التوصل إلى السلام. فالمملكة لعبت الدور الأساسي في وضع مبادرة السلام العربية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين وفي التوصل إلى إجماع عربي على إقرارها، إلا أن إسرائيل لم توافق على المبادرة حتى الآن، دون أن تتخذ الولايات المتحدة أي ردة فعل في مواجهة ذلك".
وتابع شارحا لمستمعيه دور المملكة في "جمع قيادات حركتي فتح وحماس في مكة وإقناع حماس بالموافقة على أن المنظمة هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني في عملية التفاوض إلا أن الإدارة الأميركية السابقة أجهضت الاتفاق". وأضاف أن المملكة اتفقت مع جامعة الدول العربية على منح فرصة أخرى لمفاوضات السلام بيد أن الولايات المتحدة قامت بعد ذلك بعرض رسالة على إسرائيل تتضمن الموافقة على وضع قوات إسرائيلية على مناطق من الأراضي الفلسطينية أي في غور الأردن. وعلق الفيصل على ذلك بقوله "كأن تلك الأراضي تابعة للولايات المتحدة لكي تقدم للإسرائيليين هذا العرض. كل ذلك مقابل عدة أيام إضافية من تجميد الاستيطان. ولكن إسرائيل رفضت حتى ذلك العرض". وقال إن المملكة "اقترحت عام 1981 حلا للقضية الفلسطينية على أساس حدود 67 وإن العرب وافقوا على الاقتراح ولكن الولايات المتحدة لم تشأ أن تحمل إسرائيل على قبوله". وذكر أن عملية السلام تقدمت في محادثات أوسلو إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قام بنسف العملية كما اعترف في شريط فيديو عرض على موقع "يو تيوب" على شبكة الإنترنت خلال اجتماعه مع مجموعة من المستوطنين.
وأشار الأمير تركي إلى دور المملكة في إحلال السلام بلبنان وإلى لقاء خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس السوري بشار الأسد، موضحا "دعوة المملكة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية التي تحتلها لنزع فتيل الأزمة وحمل حزب الله على التخلي عن حجة تحرير الأرض كمبرر لمواصلة التسلح خارج نطاق الدولة في لبنان، ولكن الولايات المتحدة ترفض الإشارة إلى ذلك وترفض مطالبة إسرائيل بإنهاء احتلال أراضي لبنان".
ووصف الأمير تركي احتلال العراق من قبل الإدارة الأميركية السابقة بأنه "كارثة دموية متكاملة الأبعاد". وقال إن المملكة بذلت جهدا كبيرا لإحلال الاستقرار في العراق وجمعت الأطراف المعنية تحت مظلة الجامعة العربية ثم اقترحت على وزير الخارجية الأميركي السابق الجنرال كولن باول خروج القوات الأميركية ووضع قوة حفظ سلام إسلامية في العراق بعد صدور قرار من الأمم المتحدة تحت طائلة البند السابع يحافظ على وحدة وسلامة الأراضي العراقية لضمان منع أي مواجهات عرقية أو طائفية ولكنها لم تتلق ردا. وأشار إلى أن المملكة تتخذ الآن موقفا متوازنا دون أي انحياز من كافة أطراف المعادلة السياسية في العراق. وقال الأمير تركي إن المملكة اقترحت على واشنطن تشكيل تحالف دولي يضم روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية ومصر وباكستان لمواجهة تدهور الموقف في أفغانستان إلا أن واشنطن لم تنصت وواصلت تعميق العداء لسياستها وأعمالها في صفوف الأفغان". وذكر أن المملكة اقترحت جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، لكن الولايات المتحدة أعلنت أن أي اتفاق مثل ذلك يعد سابقا لأوانه وأن الأمر يحتاج إلى المزيد من الدراسة". وبعد انتهاء الأمير تركي من كلمته والتي ألقاها أمام أكثر من 1000 شخص من الخبراء والمحللين والصحفيين والطلاب الأميركيين ومن جنسيات أخرى، وقف الجميع احتراماً لصراحته والتصفيق له.
وقدم رئيس مجلس العلاقات الأميركية العربية جون ديوك آنتوني هدية تقدير من المجلس، ورد الأمير بقوله "في اليوم الذي سبق رحيله سئل الملك فيصل كيف يرى المملكة بعد 50 عاما فقال أراها كنبع للإنسانية".