حذر استشاري طب الأطفال بمركز مستقبل الطفل بفلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية الدكتور أحمد أبوبكر من عدم المصداقية في إعطاء معلومات وافية وصحيحة عند نقل الطفل المعنف إلى المستشفى. مشيرا إلى أن الكثير ممن يقومون بنقل هؤلاء الأطفال المعنفين يخافون من أسئلة الطبيب أو ممن يتولى طرح أسئلة لمعرفة طبيعة العنف الذي مورس بحق الطفل. مضيفا: أن الكثير ممن يأتون بالأطفال المعنفين يخافون من ترك أرقامهم لدى السجلات الطبية خوفا من أي مساءلات أخرى تؤخذ بحقهم.
وأشار إلى أن الاعتداء الذي يقع على الطفل يسببه إنسان بالغ مسؤول عن رعاية الطفل مؤقتا أو دائما. مضيفا: أن الاعتداء لا يعد مرضا فقط، بل يعد هجوما سافرا على إنسانية الطفل، حيث يترك هذا الاعتداء طفلا ليس لديه أي أمل، ولا يفيد مجتمعه.
وبيّن الدكتور أبوبكر أن الاعتداء على الأطفال يزيد نسبة الجريمة، ودلل على ذلك بما يحدث في أميركا من ارتفاع نسبة الجرائم وتعاطي المخدرات ونحو ذلك. مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تنفق في كل عام 104 بلايين دولار لمعالجة الأطفال المعنفين، والمشاكل المتعلقة بالاعتداء عليهم.
وذكر أن منظمة الصحة العالمية أعدت إحصائية جاء فيها أن في العالم 40 مليون طفل معنف، وفي أميركا وحدها 3 ملايين، ويموت منهم 1700 طفل في كل عام من الإهمال فقط، والذي هو أيضا شكل من أشكال العنف ضد الأطفال.
وعن الدور الذي يقوم به الطبيب المعالج لحالة هؤلاء الأطفال قال: إنه ينبغي أن يقوم الطبيب بتهدئة الوضع بين الطفل وأسرته، بحيث لا يتفاقم الوضع، لأن تصعيد الموقف دون فهم الصورة قد يكون فيه خطر آخر على الطفل، فربما بالتصعيد يعتقد الطفل أنه المخطئ، وأنه ليس بأمان، وربما يزداد عناد أسرته ويحاولون إيذاءه مرة أخرى.
وأضاف: أن الطبيب خلال معالجة الطفل المعنف يجب أن يجمع معلومات عن الأسرة والطفل والتاريخ العائلي، وفي حالة شعوره بأن هناك خطرا على صحة الطفل يقوم بحجزه في المستشفى مع التزام السرية المطلقة في كل معلومة يجمعها عن الطفل. مضيفا: أن علاج الطفل المعنف يكون حسب الحالة على أن يستمر الطبيب في مراقبة وضع العائلة مع هذا الطفل المعنف.
من جهته أوضح الأخصائي النفسي الدكتور أحمد الناشري أن "مرحلة الطفولة مرحلة أساسية لبناء الشخصية لذلك ينبغي أن تكون الأسر على درجة كبيرة من الوعي الكافي للتعامل مع الأطفال في الجوانب التربوية والانفعالية والعاطفية كافة حتى يتم تشكيل شخصية للطفل إنسانية سوية تعده للانتقال لمراحل عمرية أخرى".
وأضاف: أن "المجتمع بحاجة إلى برامج تثقيفية عامة من خلال التوعية المدرسية أو المجتمعية لتنشر ثقافة حماية الطفل ورعايته. مشيرا إلى أن ممارسة العنف ضد الأطفال تتم بين طرفين غير متكافئين وتؤدي إلى آثار نفسية على الأطفال منها اضطرابات القلق والخوف والتوتر والهلع والخجل، وأيضا قد يكون الاكتئاب سببا من آثار العنف، وما ينتج عنه من عزلة وانطواء، إضافة إلى اضطراب الشخصية وتحولها من شخصية طفولية إلى أخرى عدوانية تؤثر على مستقبل حياته.
وقسم الدكتور الناشري مراحل الطفولة وشخصيات الآباء والأمهات إلى ثلاثة أقسام، منها شخصيات طبيعية وهي شخصيات متزنة وتتقبل الرأي الآخر ويكون أطفالهم متميزين، وشخصيات قاسية لا تقبل إلا رأيها ومتسلطة على الطفل وتكون شخصيات أطفالها مشتتة وغير منضبطة، والنوع الثالث شخصيات مفرطة لا تعطي بالا للتربية وينتج عنها أطفالا حائرين.
بينما شكا استشاري الصحة العامة، المشرف على مركز الأبحاث بمستشفى الهدا للقوات المسلحة الدكتور فيصل فرحات من شح الإحصائيات المرتبطة بمشكلة سوء معاناة الأطفال، والتي تكشف حجم الظاهرة في المملكة. مؤكدا أنه يصعب الاعتماد عليها في تقدير الحجم الحقيقي للمشكلة.
وأضاف: أن المعدلات المتوفرة حاليا في مجال الأبحاث والإحصائيات المرتبطة بمشكلة سوء معاملة الطفل تعتمد على البيانات التي يتم تسجيلها في المستشفيات أو مراكز حماية الطفل أو الشرطة؛ وهي بيانات غير كافية وغير دقيقة، وفي البلدان الغربية هذه المصادر تكشف فقط عن 50% من الحالات الموجودة بالفعل داخل المجتمع.
وأشار الدكتور فرحات إلى أن مشكلة سوء معاملة الطفل تؤثر بشكل مباشر على صحة المجتمع. مؤكدا أن الإحصائيات والبيانات المتوفرة حاليا يصعب الاعتماد عليها في تقدير الحجم الحقيقي لهذه المشكلة التي من الممكن أن تكون سببا للوفاة أو العجز بين الأطفال المعرضين لهذه المشكلة.
وبيّن أن الآثار السلبية المترتبة على سوء معاملة الطفل تمتد إلى المجتمع بشكل عام؛ وقال: "لدراسة هذه المشكلة بشكل صحيح فإننا بحاجة إلى إجراء دراسات مسحية وبائية تستهدف جميع شرائح المجتمع من الرجال والنساء والأطفال". مشيرا إلى أن هذه الدراسات تتطلب تعاون المؤسسات الصحية والاجتماعية والبحثية، وتهدف إلى تقدير معدل انتشار هذه المشكلة ومعدل حدوثها، بالإضافة إلى الأسباب المؤدية إليها وعوامل الخطورة المرتبطة بها.