باتت ظاهرة العمل التطوعي في الآونة الأخيرة من ألمع الظواهر الإنسانية، وكان أبرزها حملات العمل التطوعية الإنقاذية التي قام بها شباب وشابات جدة عقب كارثة السيول التي أصابت مدينة جدة العام الماضي.
ويفسر المستشار الاجتماعي الدكتور سامي الأنصاري بروز ظاهرة العمل التطوعي بارتفاع الوعي لدى فئات الشباب، لما للتطوع من دلالة على حيوية وتميز المجتمع وإيجابياته نحو الأزمات وغيرها، وهو سمة على تقدم ثقافة الشعوب ووعيها.
وقال إن العمل التطوعي يتميز بالحماس في الأداء، ويتيح حرية اختيار نوعية العمل الذي يرغبه الفرد ويميل له، كذا يمكن للمؤسسات الخيرية سد الثغرات في بعض التخصصات النادرة، وبتقديمه تعريف للمؤسسة الخيرية للمجتمع.
ودعا الدكتور الأنصاري إلى تشجيع إنشاء لجنة وطنية تطوعية للكوارث والأزمات على مستوى المملكة برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية، وتكون لها فروع في كافة مدن المملكة، تدعمها إعلاميا جميع وسائل الإعلام من الصحف والإذاعة والتلفزيون، وإزالة المعوقات التي تقف حاجزا أمام قيام العمل التطوعي، وحث الجهود لإجراء الدراسات والبحوث العلمية التي تسهم في تحسين واقع العمل التطوعي، واستخدامه في المعالجة النفسية والصحية. وأكد على ضرورة تكوين هيكل حقيقي للعمل التطوعي بالتركيز على استقطاب المتطوعين من الجنسين، وإتاحة فرص جديدة للعمل التطوعي، مشيرا إلى أنه برغم توفر جمعيات طبية ونفسية واجتماعية وخيرية، يفتقد المجتمع للتطوع الذي يهتم بفئة العجزة وكبار السن.
ويرى المستشار الاجتماعي بوزارة التربية والتعليم الدكتور عبد الرحيم السالمي أن العمل التطوعي جملة من النشاطات الفردية أو المؤسسية أو بصورة المجتمعات الخيرية، وهو في طبيعته يمثل صورة للمبادرة بالشعور بالواجب نحو الآخرين، والعطاء بلا حدود دونما انتظار المردود المالي أو المعنوي.
ويفسر السالمي العمل التطوعي الذي برز كظاهرة يقوم بها الشباب والفتيات بأنه سلوك اجتماعي برز مع وجود الأزمات والمحن نتيجة الكوارث، وهذا ما يجب أن يكون عليه المسلم.
وتقول نيفين عفيفي (مسؤولة فريق تطوعي ساعد في دعم متضرري السيول) إن العمل التطوعي بمثابة إشباع لإحساس الفرد بالنجاح في قيامه بعمل يخدم الآخرين، وإن المتطوعين الشباب بحاجة للانتماء والانخراط بمتطلبات مجتمعهم، ويحملهم هذا المسؤولية والالتزام في عملهم مسقبلا ، مشيرة إلى أن الجمعيات الخيرية أضحت موقعا نموذجيا لتفجير الطاقات المختلفة، وأتاحت الفرصة لكثيرين لإبراز إبداعاتهم.
ويشير مدير العلاقات العامة لفريق "تكاتف" التطوعي نواف عبد المجيد إلى أن فريقه بلغ عدد المشاركين فيه 4000 متطوع ومتطوعة، وكانت سيول جدة موعد انطلاقته، يقول "من أهم الأعمال التي قام بها الفريق الاعتناء بالأسر، والبحث عن المفقودين، وإصلاح وتنظيف المدارس والمساجد المتضررة من السيول، وبتكاتف جهود أعضاء تكاتف اكتشفنا مخزونا هائلا من الطاقة والاندفاع والرغبة في الإنجاز. والشابات وأخرجهم عملهم الخيري من الملل والرتابة ، حيث سارع عدد كبير من رجال الأعمال لاستقطاب فئات مختلفة من الخريجين والعاطلين عن العمل.
وقالت مديرة الجمعية الخيرية النسائية بجدة نسرين الدريسي إن وزارة الشؤون الاجتماعية في مطلع عام 1429هـ أودعت 120 مليون ريال في حسابات الجمعيات الخيرية، مشيرة إلى أن إدارات الجمعيات تبذل قصارى جهودها لتدريب منتسبيها من أسر فقيرة ومتعففة، وتقوم بتدريب فئات وهبت وقتها للعمل التطوعي.
وأضافت أن القطاع التطوعي حقق نموا في مجال خلق وظائف جديدة يعادل ثلاثة أضعاف ما حققه القطاع الحكومي.
ويرى فهد الحيد وسلمى جبران وزينب العامري ونجود بكر (متطوعون بفريق الرحمة) أن العمل التطوعي قضى على الفراغ الذي يشعر به العاطلون، وأصبح التطوع من أهم وسائل النهوض بالمجتمعات، كما أن لها دورا في زيادة الانتماء، وارتفاع الثقة بالنفس، وتطوير الفرد لقدراته، كما ينال المتطوع خبرة لحل مشكلاته الشخصية والمهنية.