ذهب عضو هيئة التدريس في قسم الفقه بكلية الشريعة في الجامعة الإسلامية الدكتور سليمان بن سليم الله الرحيلي في محاضرته أول من أمس بالجامعة الإسلامية المعنونة بـ"توحيد الدولة السعودية على السنة الشرعية" إلى أن المملكة العربية السعودية تتعرض لشبهات تُثار للتشكيك في شرعيّتها ومحاولة طمس بنائها على السنة الشرعية، وإلى حملات تسعى جاهدة كذلك لحرف مسار الدولة المباركة وأخذها إلى طريق أخرى.

وأكد الدكتور الرحيلي في محاضرته التي أدارها الدكتور عبدالله الساعدي على إقامة الملك عبدالعزيز رحمه الله الدولة على الأخوّة الإسلامية لا على القومية ولا الحزبية، مدللا بقوله: لا نُكره أحداً على اعتناق مذهب معين أو السير في الطريق معين، ولكن لا أقبل بحال من الأحوال التظاهر بالبدع والخرافات، لا يُسأل أحد عن مذهبه وعقيدته ولكن لا يُقبل التظاهر بالبدع والخرافات.

كما أقام الدولة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشكل هيئته، وعلى الشورى وشكل مجلس الشورى، وقال: يجب أن تنتخبوا من تجدون فيهم الإخلاص في العمل والدفاع عن حقوق الأهلين لأن الحكومة تأخذ حقها بكل حال، أما الأهلون فإن أحسنتم اختيار أعضاء الشورى وأحسن هؤلاء الدفاع عنهم أحسنتم بذلك للعباد والبلاد.

الرحيلي استعرض عدداً من الشواهد التي تدلل على حرص الملك عبدالعزيز رحمه الله على إقامة العدل في سياسته للدولة، ومن ذلك المنشور الذي كتبه ـ رحمه الله ـ وعلق على المسجد النبوي وجاء فيه: مِن عبدالعزيز بن عبدالرحمن إلى شعب الجزيرة العربية، على كل فرد من رعيّتنا يحسّ بأن ظلما وقع عليه أن يتقدم بالشكوى، وأن يبعث بها بالبرق أو البريد على نفقتنا بالمجان، وعلى موظفي البريد أن يتقبلوا ذلك ولو كانت الشكوى ضد أحد من أبنائي أو أسرتي أو أهل بيتي.

وطرح عضو هيئة التدريس بقسم الفقه في الجامعة الإسلامية عددا من الأدلة التي تؤكد أن الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ وحّد المملكة العربية السعودية على المنهج الذي بنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم الدولة الإسلامية، وعلى أسس السنّة الشرعية التي هي التأكيد على ضرورة التحذير من الشرك وأنه فرقة ومهلكة وأن التوحيد هو سبيل النجاة والعز، والحثّ على لزوم الجماعة والاعتصام بالكتاب والسنة، وتحكيم شرع الله في كل الأمور، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة العدل، وتطبيق الشورى.

وأضاف الرحيلي أن عثمان الفيلكاوي وصف حالة الأمن في المناطق التي قام فيها حكم آل سعود بأنهم أمّنوا البلاد التي ملكوها وصار كل ما في حكمهم حتى البراري والقفار يصير فيها الراجل وحده وحتى بين الحرمين ومنعوا غزوا الأعراب بعضهم بعضاً ووحدوا القبائل من حضرموت إلى حدود الشام، وسارت بقية الدولة على النهج السلفي الواضح.

وأوضح الرحيلي انطلاقة الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ في توحيد الدولة حين كان في الكويت حيث نظر إلى بلده وبلد آبائه وأجداده فلم يجد فيها إماماً سلمت له مقاليد الأمور ونظر إلى الحال الدينية فلم يجد فيها علماً ولا استقامة على الإسلام، فانطلق فاتحاً الرياض سنة 1319هـ ثم بعد أن استتب الأمر فيها انطلق لتوحيد أجزاء البلاد تحت راية التوحيد وتوالت الفتوحات والإصلاحات.

وقدم الرحيلي عرضا تاريخيا أشار فيه أن الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ بذل كثيراً من الجهد للوصول إلى توحيد المملكة على الكتاب والسنة، فخاض أكثر من 40 معركة في 30 عاماً لإعلاء كلمة الله، وكان يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في جهاده، وكان جنوده يشتغلون بتقسيم الوقت بين قراءة القرآن والحديث والتفسير، وأعداؤهم في سكر ورقص وتدخين.

وبين الرحيلي أن الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ استقر لديه أن التوحيد هو الذي يجمع العباد والبلاد، واستشهد لذلك بطرف من كلماته، ومن ذلك قوله: عقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، ونحن نحترم الأئمة الأربعة، ولا فرق عندنا بين مالك وأحمد والشافعي وأبي حنيفة، كلهم محترمون عندنا..".